{ فلذلك } التفرّق في الدين { فادْع } إلى التوحيد { واسْتَقم } في التحقق بالله والتعبّد حق العبودية وأنت على التمكين ولا تظهر نفسك بصفة عند إنكارهم واستمالتهم إياك في موافقتهم { ولا تتّبع أهواءهم } المتفرّقة بالتلوين { فيضلوك } عن التوحيد.
{ وقُل آمنت بما أنزل الله من كتاب } أي: اطلعت على كمالات جميع الأنبياء وجمعت في علومهم ومقاماتهم وصفاتهم وأخلاقهم، فكمل توحيدي وصرت حبيباً لكمال محبتي، ورسخت في نفسي، فتمت عدالتي وهذا معنى قوله: { وأُمرت لأعدل بينَكُم الله ربّنا وربّكم } هو التثبيت في مقام التوحيد والتحقيق { لنا أعمَالنا ولكم أعْمَالكم } صورة الاستقامة والتمكين في العدالة { لا حجَّة بيننا وبَيْنكم } كمال المحبة والصفاء لاقتضاء مقام التوحيد النظر إليهم بالسواء { الله يَجمع بيْنَنا } في القيامة الكبرى والفناء { وإليهِ المَصِير } في العاقبة للجزاء.
{ والذين يُحَاجون في الله } لاحتجابهم بنفوسهم { من بعد ما استْجيب له } بالاستسلام والانقياد لدينه وقبول التوحيد بسلامة الفطرة { حجتهم دَاحِضَة } لكونها ناشئة من عند أنفسهم فلا أصل لها عند الله { وعَلَيهم غَضَب } لاستحقاقهم لذلك بظهور غضبهم { ولَهُم عَذَاب شديدٌ } لحرمانهم.
{ الله الذي أنْزَل الكتاب بالحق } أي: العلم التوحيدي بالمحبة التي اقتضت استحقاقه لذلك فكان حقاً له { والمِيزَان } أي: العدل، وإذا حصل العلم والتوحيد في الروح والمحبة في القلب والعدل في النفس قرب الفناء في الله ووقوع القيامة الكبرى.
{ الله لطِيفٌ بعبادِهِ } يلطف بهم في تدبير إيصال كمالاتهم إليه وتهيئة أسبابها وتوفيقهم للأعمال المقرّبة لهم إليها { يرزق من يَشَاء } العلم الوافر بحسب عنايته به في هيئة استعداده له، { وهو القوي } القاهر { العزيز } الغالب، يمنع من يشاء بمقتضى عدله وحكمته ولكل أحد نصيب من اللطف والقهر لا يخلو أحد منهما وإنما تتفاوت الأنصباء بحسب الاستعدادات والأسباب والأعمال والأحوال.