التفاسير

< >
عرض

فَلِذَلِكَ فَٱدْعُ وَٱسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ ٱللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لاَ حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ٱللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ
١٥
وَٱلَّذِينَ يُحَآجُّونَ فِي ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مَا ٱسَتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ
١٦
ٱللَّهُ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ وَٱلْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ قَرِيبٌ
١٧
يَسْتَعْجِلُ بِهَا ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهَا وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا ٱلْحَقُّ أَلاَ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُمَارُونَ فَي ٱلسَّاعَةِ لَفِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ
١٨
ٱللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ وَهُوَ ٱلْقَوِيُّ ٱلْعَزِيزُ
١٩
-الشورى

تفسير القرآن

{ فلذلك } التفرّق في الدين { فادْع } إلى التوحيد { واسْتَقم } في التحقق بالله والتعبّد حق العبودية وأنت على التمكين ولا تظهر نفسك بصفة عند إنكارهم واستمالتهم إياك في موافقتهم { ولا تتّبع أهواءهم } المتفرّقة بالتلوين { فيضلوك } عن التوحيد.
{ وقُل آمنت بما أنزل الله من كتاب } أي: اطلعت على كمالات جميع الأنبياء وجمعت في علومهم ومقاماتهم وصفاتهم وأخلاقهم، فكمل توحيدي وصرت حبيباً لكمال محبتي، ورسخت في نفسي، فتمت عدالتي وهذا معنى قوله: { وأُمرت لأعدل بينَكُم الله ربّنا وربّكم } هو التثبيت في مقام التوحيد والتحقيق { لنا أعمَالنا ولكم أعْمَالكم } صورة الاستقامة والتمكين في العدالة { لا حجَّة بيننا وبَيْنكم } كمال المحبة والصفاء لاقتضاء مقام التوحيد النظر إليهم بالسواء { الله يَجمع بيْنَنا } في القيامة الكبرى والفناء { وإليهِ المَصِير } في العاقبة للجزاء.
{ والذين يُحَاجون في الله } لاحتجابهم بنفوسهم { من بعد ما استْجيب له } بالاستسلام والانقياد لدينه وقبول التوحيد بسلامة الفطرة { حجتهم دَاحِضَة } لكونها ناشئة من عند أنفسهم فلا أصل لها عند الله { وعَلَيهم غَضَب } لاستحقاقهم لذلك بظهور غضبهم { ولَهُم عَذَاب شديدٌ } لحرمانهم.
{ الله الذي أنْزَل الكتاب بالحق } أي: العلم التوحيدي بالمحبة التي اقتضت استحقاقه لذلك فكان حقاً له { والمِيزَان } أي: العدل، وإذا حصل العلم والتوحيد في الروح والمحبة في القلب والعدل في النفس قرب الفناء في الله ووقوع القيامة الكبرى.
{ الله لطِيفٌ بعبادِهِ } يلطف بهم في تدبير إيصال كمالاتهم إليه وتهيئة أسبابها وتوفيقهم للأعمال المقرّبة لهم إليها { يرزق من يَشَاء } العلم الوافر بحسب عنايته به في هيئة استعداده له، { وهو القوي } القاهر { العزيز } الغالب، يمنع من يشاء بمقتضى عدله وحكمته ولكل أحد نصيب من اللطف والقهر لا يخلو أحد منهما وإنما تتفاوت الأنصباء بحسب الاستعدادات والأسباب والأعمال والأحوال.