التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ ٱثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ ٱللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ ٱلصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ ٱلزَّكَاةَ وَآمَنتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذٰلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ
١٢
فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَٱعْفُ عَنْهُمْ وَٱصْفَحْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ
١٣
-المائدة

تفسير القرآن

{ ميثاق بني إسرائيل } هو العهد المذكور والنقباء الإثنا عشر هم الحواس الخمس الظاهرة والخمس الباطنة والقوّة العاقلة النظرية والعاقلة العلمية { وقال الله إني معكم } أي: في العقد اللاحق أوفقكم وأعينكم لئن قمتم بحقوق التزكية والتخلية من الإعراض عن السعادات البدنية بالعبادة وترك السعادات الخارجية بالزهد، وإيثار الثالثة التي هي الإيمان برسل العقل والإلهامات والأفكار الصائبة والخواطر الصادقة من الروح والقلب، وإمداد الملكوت وتعزيرهم أي: تعظيمهم بتسليطهم على شياطين الوهم وتقويتهم ومنعهم وساوسها وإلقاء الوهميات والخياليات والخواطر النفسانية { وأقرضتم الله قرضاً حسناً } بالبراءة من الحول والقوة والعلم والقدرة إلى الله بالجملة من الأفعال والصفات كلها ثم من الذات بالمحو والفناء وإسلامها إلى الله { لأكفرنّ عنكم سيئاتكم } أي: وجودات هذه الثلاث التي هي حجبكم وموانعكم عنكم { ولأدخلنكم جنّات } من أفعالي وصفاتي وذاتي { تجري من تحتها الأنهار } علوم التوكل والرضا والتسليم والتوحيد. وبالجملة علوم تجليات الأفعال والصفات والذات، فمن احتجب بعد ذلك العهد وبعث النقباء منكم { فقد ضلّ } السبيل المستقيم بالحقيقة.
{ قاسية } قست باستيلاء صفات النفس عليها وميلها إلى الأمور الأرضية الجاسية الصلبية فحجبت عن أنوار الملكوت والجبروت التي هي كلمات الله واستبدلوا قوى نفوسهم بها، واستعملوا وهمياتهم وخيالياتهم بدل معارفها وحقائقها من المعاني المعقولية أو خلطوها بها، وذلك هو تحريف الكلم عن مواضعه. { ونسوا حظاً } أي: نصيباً وافراً مما أوتوه في العهد السابق من الكمالات الكامنة في استعدادهم بالقوة، فذكروا به في العهد اللاحق { ولا تزال تطلع على خائنة منهم } أي: على نقض عهد ومنع أمانة لاستيلاء صفات النفس والشيطان عليهم وقساوة قلوبهم { المحسنين } الذين يشاهدون ابتلاء الله إياهم فلا يقابلونهم بالعقاب فيستعملون معهم الصفح والعفو.