التفاسير

< >
عرض

وَأُزْلِفَتِ ٱلْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ
٣١
هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ
٣٢
مَّنْ خَشِيَ ٱلرَّحْمَـٰنَ بِٱلْغَيْبِ وَجَآءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ
٣٣
ٱدْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلُخُلُودِ
٣٤
لَهُم مَّا يَشَآءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ
٣٥
وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشاً فَنَقَّبُواْ فِي ٱلْبِلاَدِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ
٣٦

تفسير القرآن

{ وأزلفت الجنة } أي: جنة الصفات للذين اتقوا صفات النفس بدليل قوله: { من خَشِيَ الرحمن بالغيب } لأن الخشية تختص بتجلي العظمة ولقوله: { غير بعيد } أي: مكاناً غير بعيد لكون جنة الصفات أقرب من جنة الذات في الرتبة دون الظهور، إذ الذات أقرب في الظهور لأن في عالم الأنوار كل ما كان أبعد في العلوّ والمرتبة من الشيء كان أقرب إليه في الظهور لشدة نوريته ولقوله: { هذا ما تُوعدون لكل أوّاب } أي: رجّاع إلى الله بفناء الصفات { حَفِيظ } أي: محافظ على صفاء فطرته ونوره الأصلي كي لا يتكدّر بظلمة النفس من اتصف بالخشية وصارت الخشية مقامه عند تجلي الحق في صفة الرحمة الرحمانية إذ هي أعظم صفاته لدلالتها على إفضاة جميع الخيرات والكمالات الظاهرة على الكل وهي جلائل النعم وعظمائها { بالغَيب } أي: في حالة كونه غائباً عن شهود الذات، إذ المحتجب بتجلي الصفات غائب عن جمال الذات { وجاء بقلب منيب } إلى الله عن ذنوب صفات النفس في معارج صفات الحق دون الساكن في مقام الخشية الذي لا يقصد التوقي.
{ أدخلوها } بسلامة عن عيوب صفات النفس آمنين عن تلوينها { لهم ما يشاؤون فيها } من نعم التجليات الصفاتية وأنوارها بحسب الإرادة { ولدينا مزيد } من نور تجلي الذات الذي لا يخطر على قلوبهم.
{ وكم أهلكنا } قبل هؤلاء المتقين بالإفناء والإحراق بسبحات تجلي الذات { من قرن هم أشدّ منهم بطشاً } أي: أولياء أقوى منهم في صفات نفوسهم لأن الاستعداد كلما كان أقوى كانت صفات النفس في البداية أقوى { فنقبوا في البلاد } أي: مفاوز الصفات ومقاماتها { هل من محيص } عن الفناء بالاحتجاب ببعضها والتواري بها عند إشراق أنوار سبحات الوجه الباقي، وكيف المحيص ولا تبقى صفة هناك فضلاً عن تواريه بها.