التفاسير

< >
عرض

وَٱلذَّارِيَاتِ ذَرْواً
١
فَٱلْحَامِلاَتِ وِقْراً
٢
فَٱلْجَارِيَاتِ يُسْراً
٣
فَٱلْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً
٤
إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ
٥
وَإِنَّ ٱلدِّينَ لَوَٱقِعٌ
٦
وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْحُبُكِ
٧
إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ
٨
يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ
٩
قُتِلَ ٱلْخَرَّاصُونَ
١٠
ٱلَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ
١١
يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ ٱلدِّينِ
١٢
يَوْمَ هُمْ عَلَى ٱلنَّارِ يُفْتَنُونَ
١٣
ذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ
١٤
-الذاريات

تفسير القرآن

{ والذاريات ذرواً } أي: النفحات الإلهية والنسائم القدسية التي تذرو غبار الهيئات الظلمانية وتراب الصفات النفسانية { ذرواً } { فالحاملات } أي: الواردات النورانية التي تحمل أوقار الحقائق اليقينية والعلوم الكشفية الحقيقية التي لها ثقل في الميزان لبقائها دون التي تخف من الأمور الفانية إلى قلوب أهل العرفان والنفوس القابلة المستعدة الحاملة لتلك الحقائق والمعاني { فالجاريات يسراً } أي: النفوس التي تجري في ميادين المعاملات ومنازل القربات بواسطة تلك النفحات والواردات يسراً بلا كلفة كما للمحرومين عن ذلك أو القلوب التي تجري في أبحر الصفات بتلك النفحات يسراً.
{ فالمقسمات أمراً } أي: الملائكة المقرّبين من أهل الجبروت والملكوت التي تقسم بكل واحدة قسطاً من السعادة والرزق الحقيقي على حسب الاستعدادات { إنما توعدون } من حال القيامة الكبرى وحصول الكمال المطلق { لصادق * وإن الدين } أي: الجزاء الذي هو الفيض الوارد بحسب السعي في السلوك والعمل المعدّ للقبول أو الحرمان والتعذب بالحجاب والتأذي بالهيئات المؤذية المظلمة بسبب الركون إلى الطبيعة { لواقِع } كما قال:
{ وَٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } [العنكبوت، الآية:69]، وقال: { كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ * كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ * ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُواْ ٱلْجَحِيمِ } [المطففين، الآيات:14 - 16]. أقسم بالمعدّات والقوابل والمفيضات على أن مقتضى اجتماعها واجب الوقوع.
{ والسماء } أي: الروح { ذات } الطرائق من الصفات، فإن من كل صفة طريقاً إلى سماء الروح يصل إليها من يسلكها وكل مقام وحال باباً إليها { إنَّكم لفي قول مختلف } من حديث النفس وشجونه المتنوّعة المانعة عن اتحاد الوجهة في السلوك أو الاعتقادات الفاسدة والمذاهب الباطلة المانعة عن الكمال من أنواع الجهل المركب { يؤفك عنه } أي: بسبب ذلك القول المختلف الذي هو حديث النفس أو الاعتقاد الفاسد { من أفك } أي: المحجوب المحكوم عليه في القضاء السابق بسوء الخاتمة دون غيره أو يصرف عما توعدون من الكمال من صرف بالشقاوة الأزلية في علم الله.
{ قتل الخرّاصون } أي: لعن الكذابون بالأقوال المختلفة { الذين هم في غمرة } أي: جهل يغمرهم، غافلون عن الكمال والجزاء { يسألون أيان يوم الدِّين } لبعدهم عن ذلك المعنى واستبعادهم لذلك وتعجبهم منه لمكان الاحتجاب، أي: متى وقوع هذا الأمر المستبعد { يوم هم } أي: يقع يوم هم يعذبون على نار الحرمان في ظلمات الهيئات بفساد الأبدان والوقوع في الهلاك والخسران مقولاً لهم.
{ ذوقوا فتنتكم } أي: عذابكم { الذي كنتم به تَسْتعجلون } بالانهماك في اللذات البدنية واستئثار الحظوظ العاجلة والكمالات البهيمية والسبعية.