التفاسير

< >
عرض

فَفِرُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ
٥٠
وَلاَ تَجْعَلُواْ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ
٥١
كَذَلِكَ مَآ أَتَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ قَالُواْ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ
٥٢
أَتَوَاصَوْاْ بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ
٥٣
فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَآ أَنتَ بِمَلُومٍ
٥٤
وَذَكِّرْ فَإِنَّ ٱلذِّكْرَىٰ تَنفَعُ ٱلْمُؤْمِنِينَ
٥٥
وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ
٥٦
مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ
٥٧
إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلْقُوَّةِ ٱلْمَتِينُ
٥٨
فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذَنُوباً مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلاَ يَسْتَعْجِلُونِ
٥٩
فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن يَوْمِهِمُ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ
٦٠
-الذاريات

تفسير القرآن

{ ففروا إلى الله } أي: انقطعوا إليه واستضيئوا بنوره واستمدّوا من فيضه في محاربة النفس والشيطان، وتخلصوا إليه من عدوانهما وطغيانهما ولا تلتفتوا إلى غيره ولا تثبتوا لما سواه وجوداً وتأثيراً فيستولي عليكم الشيطان ويسوّل عليكم طاعته وعبادته ولا تجعلوا معه بهوى النفس معبوداً كالنفس وما تهواه فتشركوا وتحتجبوا به عنه فتهلكوا.
{ وما خلقت } جنّ النفوس وإنس الأبدان أو الثقلين المشهورين { إلاَّ } ليظهر عليهم صفاتي وكمالاتي فيعرفوني ثم يعبدوني إذ العبادة بقدر المعرفة ومن لم يعرف لم يعبد، كما قال العارف المحقق عليه السلام: "لا أعبد ربّاً لم أره"، أي: لم أخلقهم ليحتجبوا بوجوداتهم وصفاتهم عني فيجعلوا أنفسهم آلهة معبودة غيري أو يحتجبوا بخلقي وما تهوى أنفسهم فيجعلوه إلهاً غيري ويعبدوه.
{ وما أريد منهم من رزق } أي: خلقتهم بأن احتجبت بهم بذاتي وصفاتي ليظهروا فيتخلقوا بخلقي فيحتجبوا بي ويستتروا بفناء الأفعال والصفات ولا ينسبوا الرزق والإطعام والتأثير إلى أنفسهم لظهورها بالأفعال والصفات وانتحال أفعالي وصفاتي لها بالكذب والطغيان { إن الله هو الرزاق ذو القوّة المتين } أي: ذاته الموصوفة بجميع الصفات هي مصدر الأفعال اللطيفة كالرزق والقهرية كالتأثير في الأشياء دون غيره.
{ فإنّ للذين ظلموا } بنسة الفعل والتأثير إلى الغير من مخلوقاته سواء كان ذلك الغير أنفسهم أو غيرهم نصيباً وافراً من عذاب الله { مثل } نصيب نظرائهم من المحجوبين بالصفات { فلا يَسْتعجلون } في الاستمتاع بأفعالهم.
{ فويلٌ للذين كفروا } أي: حجبوا عن الحق في أي مرتبة كانت بأي شيء كان { من يومهم الذي يوعدون } في القيامة الصغرى، والله أعلم.