التفاسير

< >
عرض

مُّهْطِعِينَ إِلَى ٱلدَّاعِ يَقُولُ ٱلْكَافِرُونَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَسِرٌ
٨
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُواْ عَبْدَنَا وَقَالُواْ مَجْنُونٌ وَٱزْدُجِرَ
٩
فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَٱنتَصِرْ
١٠
فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ ٱلسَّمَآءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ
١١
وَفَجَّرْنَا ٱلأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى ٱلمَآءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ
١٢
وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ
١٣
تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَآءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ
١٤
وَلَقَدْ تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ
١٥
فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ
١٦
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ
١٧
كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ
١٨
إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ
١٩
تَنزِعُ ٱلنَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ
٢٠
فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ
٢١
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ
٢٢
-القمر

تفسير القرآن

{ مهطعين إلى الداع } على كلا التأويلين لانقيادها طوعاً وكرهاً { يقول الكافرون } أي: المحجبون عن الدين أو الحق { هذا يوم عسر } لنزوعهم إلى اللذات والشهوات الحسيّة وشوقهم إليها وضراوتهم بها، فأما غير المحجوب فأيسر شيء عليه الموت الطبيعي والإرادي جميعاً.
{ ففتحنا أبواب } سماء العقل بعلم منصب إلى العالم السفلي بقوة، أي: نكسنا عقولهم بالميل إلى الدنيا والاشتغال بتدابير الأمور الجزئية وترتيب اللذات الحسية والانهماك في أمر المعاش وصرف عملها فيه ووقوفها معها واحتجابها بها عن الأمور الأخروية المؤدّي إلى هلاكهم، فهو كقوله:
{ وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا } [الإسراء، الآية:16].
{ وفجرنا } أرض النفس { عيوناً } علوماً جزئية حسيّة متعلقة بكسب الحطام وجمعه والتلذذ به والترّفه فيه كأن نفوسهم كلها ذلك التدبير لشدة انجذابها إليها وحرصها فيها { فالتقى } العلمان في طلب الدنيا وجذبها { على أمر } قد قدّره الله تعالى وهو: إهلاكهم بسبب التورط في الشهوات بالجهل. وحملنا نوحاً على شريعة ذات أعمال وعلوم ترتبط بها الأعمال أو أحكام ومعاقد تستند إليها الأحكام { تجري بأعيننا } أي: تنفذ على حفظ منا في لجة جهلهم الغالب الغامر إياهم، فلا يغلبها جهلهم فيبطلها { جزاء } لنوح عليه السلام الذي كان نعمة مكفورة من قومه بأن لم يعرفوه فيطيعوه ويعظموه فينجوا به، بل أنكروه فعصوه فهلكوا بسببه.
{ ولقد تركناها } أي: آثار تلك الشريعة والدعوة إلى يومنا هذا { آية } بينة لمن يعتبر بها { فهل من } متعظ، فإنّ طريق الحق واحد والأنبياء كلهم متوافقون في أصول الشرائع.