التفاسير

< >
عرض

وَٱلأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ
١٠
فِيهَا فَاكِهَةٌ وَٱلنَّخْلُ ذَاتُ ٱلأَكْمَامِ
١١
وَٱلْحَبُّ ذُو ٱلْعَصْفِ وَٱلرَّيْحَانُ
١٢
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
١٣
خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَٱلْفَخَّارِ
١٤
وَخَلَقَ ٱلْجَآنَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ
١٥
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
١٦
رَبُّ ٱلْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ ٱلْمَغْرِبَيْنِ
١٧
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
١٨
-الرحمن

تفسير القرآن

{ والأرض } أي: أرض البدن { وضعها } لهذه المخلوقات المذكورة { فيها فاكهة } أي: ما تفيد اللذات الحسية من إدراكات الحواس والمحسوسات { والنخل } أي: القوى المثمرة للذات الخيالية والوهمية الباسقة من أرض الجسد في هوى النفس { ذات الأكمام } أي: غلف اللواحق المادية { والحب } أي: القوة الغاذية التي منها لذة الذوق والأكل والشرب { ذوالعصف } أي: الشعب والأوراق الكثيرة المنبسطة على أرض البدن من الجاذبة والماسكة والهاضمة والدافعة والمغيرة والمصورة الملازمة للبدن، المقتضية لخواصها وأفعالها وما تعدّها وتهيئها وتصلحها لحفظ القوة والإنماء مما يصير بدل ما يتحلل ويزيد في الأقطار { والريحان } أي: المولدة، الموجبة لذة الوقاع التي هي أطيب اللذات الجسمانية وأسلاف البذر بتوليد مادة النوع.
{ فبأي آلاءِ ربكما تكذبان } من هذه النعم المعدودة أيها الظاهريون والباطنيون من الثقلين أبالنعم الظاهرة أم الباطنة: { خلق الإنسان } أي: ظاهره وجسده الذي يؤنس، أي: يبصر { من صلصال } من أكثف جواهر العناصر المختلطة الذي تغلب عليه الأرضية واليبس { كالفخار } الصلب الذي يناسب جوهر العظم الذي هو أساس البدن ودعامته { وخلق الجانّ } أي: باطنه وروحه الحيواني الذي هو مستور عن الحسّ وهو أبو الجنّ، أي: أصل القوى الحيوانية التي أقواها وأشرفها الوهم أي: الشيطان المسمّى إبليس الذي هو من ذريته { من مارج } من لهب لطيف صاف { من نار } أي: من ألطف جواهر العناصر المختلطة الذي يغلب عليه الجوهر الناري والحرّ، والمارج هو اللهب الذي فيه اضطراب، وهذه الروح دائمة الاضطراب والتحرّك.
{ ربّ المشرقين وربّ المغربين } أي: مشرقي الظاهر والباطن ومغربيهما بإشراق نور الوجود المطلق على ماهيات الأجساد الظاهرة وغروبه فيها باحتجابه بماهياتها وتعينها به فله في ربوبيته لكل موجود شروق بإيجاده بنور الوجود وظهوره به وغروب باختفائه فيه وتستره به يربِّه بهما.