التفاسير

< >
عرض

يُعْرَفُ ٱلْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِٱلنَّوَاصِي وَٱلأَقْدَامِ
٤١
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٤٢
هَـٰذِهِ جَهَنَّمُ ٱلَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا ٱلْمُجْرِمُونَ
٤٣
يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ
٤٤
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٤٥
وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ
٤٦
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٤٧
ذَوَاتَآ أَفْنَانٍ
٤٨
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٤٩
-الرحمن

تفسير القرآن

{ يعرف المجرمون } الذين غلبت عليهم الهيئات الجرمانية باكتساب الرذائل ورسوخها { بسيماهم } أي: بعلامات تلك الهيئات الظاهرة الغالبة عليهم { فيؤخذ بالنواصي } فيعذبون من فوق ويحجبون ويحبسون مقيدين أسراء من جهة رذيلة الجهل المركب ورسوخ الاعتقادات الفاسدة { والأقدام } أي: يعذبون من أسفل، ويجرّون ويسحبون على وجوههم، ويردّون إلى قعر جهنم كما قيل: يهوي أحدهم فيها سبعين خريفاً لرسوخ الهيئات البدنية والرذائل العملية من إفراط الحرص والشره والبخل والطمع وارتكاب الفواحش والآثام من قبيل الشهوة والغضب.
{ هذه جهنم } قعر بئر أسفل سافلين من الطبيعة الجسمانية { يطوفون بينهما وبين حميم } قد انتهى حره وإحراقه من الجهل المركب ولهذا قيل: يصبّ من فوق رؤوسهم الحميم، لأن العذاب المستحق من جهة العمل هو نار جهنم من تحت والمستحق من جهة العلم هو الحميم من فوق.
{ ولمن خاف مقام ربّه } أي: خاف قيامه على نفسه بكونه رقيباً، حافظاً، مهيمناً عليه كما قال:
{ أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ } [الرعد، الآية:33] أو خاف ربه كما يقال: خدمت حضرة فلان أي: نفسه { جنتان } إحداهما جنة النفس، والثانية جنة القلب لأن الخوف من صفات النفس ومنازلها عند تنوّرها بنور القلب { ذواتا أفنان } لتفنن شعبهما من القوى والصفات المورقة للأعمال والأخلاق المثمرة للعلوم والأحوال، فإن الأفنان هي المغصنات التي تشعبت عن فروع الشجر عليها الأوراق والثمار.