التفاسير

< >
عرض

عَلَىٰ سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ
١٥
مُّتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ
١٦
يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ
١٧
بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ
١٨
لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلاَ يُنزِفُونَ
١٩
وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ
٢٠
وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ
٢١
وَحُورٌ عِينٌ
٢٢
كَأَمْثَالِ ٱللُّؤْلُؤِ ٱلْمَكْنُونِ
٢٣
جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
٢٤
-الواقعة

تفسير القرآن

{ على سرر موضونة } أي: متواصلة متراصفة من الوجودات الموهوبة الحقانية المخصوصة بكل أحد منهم، كقوله عليه السلام: "على منابر من نور" أو على مراتب الصفات { متّكِئين عليها } متظاهرين فيها لكونها من مقاماتهم { متقابلين } متساوين في الرتب لا حجاب بينهم أصلاً في عين الوحدة لتحققهم بالذات وتخيرهم في الظهور بأيّ صفة من الصفات شاؤوا بجمعهم المحبة الذاتية لا يحتجبون بالصفات عن الذات ولا بالذات عن الصفات. { يطوف عليهم ولدان مخلّدون } تخدمهم قواهم الروحانية الدائمة بدولة ذواتهم أو الأحداث المستعدّون من أهل الإرادة المتصلون بهم بفرط الإرادة، كما قال: { بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ } [الطور، الآية:21] أو الملكوت السماوية.
{ بأكواب وأباريق } من خمور الإرادة والمعرفة والمحبة والعشق والذوق ومياه الحكم والعلوم { لا يصدّعون عنها } أي: كلها لذّة لا ألم معها ولا خمار لكونهم واصلين واجدين لذة برد اليقين، شاربين الشراب الكافوري. فإن محبة الوصول خالصة عن ألم الشوق وخوف الفقدان { ولا ينزفون } لا يذهب تمييزهم وعقلهم بالسكر ولا يطفحون لكونهم أهل الصحو غير محجوبين بالذات عن الصفات فيلحقهم السكر ويغلب عليهم الحال { وفاكهة } من مواجيدهم وكشفياتهم الذوقية { مما يتخيرون } يأخذون خيره لأنهم واجدون جميعاً فيختارون أصفاها وأبهاها وأشرفها وأسناها { ولحم طير مما يشتهون } من لطائف الحكم ودقائق المعاني المقويّة لهم { وحور عين } من تجليات الصفات ومجردات الجبروت وما في مراتبهم من الأرواح المجرّدة { كأمثال اللؤلؤ } الرطب في صفائها ونوريتها { المَكْنون } في الأصداف أو المخزون لكونها في بطنان الغيب وخزائنه مستورة عن الأغيار من أهل الظاهر { جزاء بما كانوا يعملون } في حال الاستقامة من الأعمال الإلهية المقصودة لذاتها المقارنة لجزائها، أو بما كانوا يعملون في حال السلوك من أعمال التزكية والتصفية.