التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ٱنظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ٱرْجِعُواْ وَرَآءَكُمْ فَٱلْتَمِسُواْ نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ ٱلْعَذَابُ
١٣
يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَـٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَٱرْتَبْتُمْ وَغرَّتْكُمُ ٱلأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَآءَ أَمْرُ ٱللَّهِ وَغَرَّكُم بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ
١٤
فَٱلْيَوْمَ لاَ يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلاَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ هِيَ مَوْلاَكُمْ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ
١٥
أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلْحَقِّ وَلاَ يَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ ٱلأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ
١٦
ٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ يُحْيِـي ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ ٱلآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
١٧
-الحديد

تفسير القرآن

{ يوم يقول المنافقون والمنافقات } أي: المستعدّون الأقوياء الاستعداد والضعفاء المحجوبون بصفات النفوس وهيئات الأبدان، المنغمسون في ظلمات الطبائع وغسق الآثام الذين قد بقي فيهم مسكة من نور الفطرة ولم تنظف بالكلية يشتاقون به إلى نور الكمال الحاصل لفريق المؤمنين ويلتمسونه ويطلبونه في حسرات وزفرات عند بروزهم عن حجاب البدن بالموت وظهور الحرمان محبوسين واقفين في حضيض النقصان، متندّمين عند تبين الخسران والمؤمنون يمرّون كالبرق الخاطف لا يلفتون إليهم.
{ انظرونا نقتبس من نوركم } بجنسية الاستعداد وظاهر الإسلام { قيل ارجعوا وراءكم } إلى الدنيا ومحل الكسب، فإن النور إنما يكتسب بالآلات البدنية والقوى الجسمانية من الحواس الظاهرة والباطنة بالأعمال الحسنة والعلوم الحقة { فضرب بينهم بسور } هو البرزخ الهيولاني الذي يحتجبون به على حسب اقتضاء هيئاتهم الظلمانية { له باب } هو القلب، إذ لا يطلع من عالم القدس على عالم الرجس إلا من طريق القلب { باطنه } وهو عالم القدس { فيه الرحمة } أي: النور والروح والريحان وجنة النعيم من المراتب المذكورة { وظاهره } الذي يلي النفس وهو عالم الرجس ومقرّ تلك النفوس المظلمة من الأشقياء { من قبله } أي: من جهته { العذاب } الذي يستحقونه بحسب هيئاتهم وتنوّعها وهذا الباب لا مفتح له من جهة ظاهره الذي إلى الأشقياء بل هو مسدود مغلق لا ينفتح أبداً. وأما من جهة باطنه فكلما شاء أهل الجنة من السابقين انفتح لهم فاطلعوا على أهل النار وتعذّباتهم ويدخلون عليهم فينطفىء لهب النار من نورهم بل يحرق نورهم النار بالنسبة إليهم دون الجهنميين فتقول جهنم: جز يا مؤمن فإن نورك أطفأ لهبي.
{ ألم نكن معكم } في الفطرة الأولى وعين جمع الصفات { قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم } ابتليتموها باللذات الحسية والشهوات البدنية والصفات البهيمية والسبعية { وتربصتم } باستيلاء التخيلات من الآمال والأماني الغالبة بدواعي الحسد والطمع { وارتبتم } باستيلاء الوهميات على المعقولات وغلبة الأوهام على العقول { وغرّتكم الأماني } بدواعي الوهم ومقتضى التخيل { حتى جاء أمر الله من الموت وحصول العقاب. { اعلموا أن الله يحيى الأرض بعد موتها } تمثيل لتأثير الذكر في القلوب وإحيائها.