التفاسير

< >
عرض

سَابِقُوۤاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ
٢١
مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِيۤ أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَٰبٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ
٢٢
لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ آتَاكُمْ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ
٢٣
ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبُخْلِ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ
٢٤
-الحديد

تفسير القرآن

{ سابقوا إلى مغفرة من ربّكم } لما حقّر الحياة الحسية النفسية الفانية وصوّرها في صورة الخضراء السريعة الانقضاء دعاهم إلى الحياة العقلية القلبية الباقية فقال: { سابقوا إلى مغفرة من ربكم } أي: تستر صفات النفس بنور القلب { وجنّة عرضها } العالم الجسماني بأسره لإحاطة القلب به وبصوره أو نفرهم عن الحياة البشرية ودعاهم إلى الحياة الإلهية أي: سابقوا إلى مغفرة تستر ذواتكم ووجوداتكم التي هي أصل الذنب العظيم بنور ذاته وجنّة عرضها سموات الأرواح وأرض الأجساد بأسرها، أي: الوجود المطلق كله الشامل للوجودات الإضافية بأجمعها { أعدّت للذين آمنوا بالله ورسوله } الإيمان العلمي اليقيني على الأول والإيمان العيني والحقي على الثاني.
{ ما أصاب من مصيبة } من الحوادث الخارجية والبدنية والنفسانية { إلا في كتاب } هو القلب الكلي المسمى باللوح المحفوظ. لتعلموا علماً يقيناً أنه ليس من لكسبكم وحفظكم وحذركم وحراستكم فيما آتاكم مدخل وتأثير، ولا لعجزكم وإهمالكم وغفلتكم وقلّة حيلتكم وعدم احترازكم واحتفاظكم فيما فاتكم مدخل، فلا تحزنوا على فوات خير ونزول شر ولا تفرحوا بوصول خير وزوال شرّ إذ كلها مقدّرة { إنّ الله لا يحب كل مختال } أي: متبختر من شدّة الفرح بما آتاه { فخور } به لعدم يقينه وبعده عن الحق بحب الدنيا وانجذابه إلى الجهة السفلية بمنافاته للحضرة الإلهية واحتجابه بالظلمات عن النور.
{ الذين يبخلون } لشدّة محبة المال { ويأمرون الناس بالبخل } لاستيلاء الرذيلة عليهم { ومن يتول } أي: يعرض عن الله بالتوجه إلى العالم السفلي والجوهر الغاسق الظلماني { فإنّ الله هو الغنيّ } عنه لاستغنائه بذاته { الحميد } لاستقلاله بكماله، أي: يخذله ويمهله.