التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا نَاجَيْتُمُ ٱلرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
١٢
ءَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُواْ وَتَابَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَاةَ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
١٣
-المجادلة

تفسير القرآن

{ إذا ناجيتم الرسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقة } لأن الاتصال بالرسول في أمر خاص لا يكون إلا لقرب روحاني او مناسبة قلبية أو جنسية نفسانية وأيّاً ما كان وجبت الصدقة. أما الأول والثاني فيجب فيهما تقديم الانسلاخ عن الأفعال والصفات والتجرّد عن الخارجيات من الأسباب والأموال وقطع التعلقات المسمى بالترك ثم محو الآثار والهيئات الباقية منها في النفس المسمى بالتجريد عندهم ثم قطع النظر عن أفعاله وصفاته والترقي إلى مقام الروح في الأول وإلى مقام القلب في الثاني حتى يصفو له مقام التناجي الروحي مع النبي في الأسرار الإلهية والمسارة القلبية في الأمور الكشفية. ولهذا قال ابن عمر رضي الله عنه: "كان لعليّ عليه السلام ثلاث لو كانت لي واحدة منهن كانت أحبّ إليّ من حمر النعم: تزويجه فاطمة وإعطاؤه الراية يوم خيبر وآية النجوى". وأما الثالث فيجب فيه تقديم الخيرات ببذل الأموال شكراً لتلك النعمة حتى تبقى وتزيد.
{ فإن لم تجدوا } في الأوّلين للتخلف عن المقامين بالوقوف مع النفس، وفي الثالث لشح النفس والفقر { فإن الله غفور } للصفات النفسانية بأنوار صفاته { رحيم } بإفاضة أنوار التجليات والمشاهدات والمعارف والمكاشفات الموجبة لوجدان تلك الصدقة في الأولين أو { غفور } لرذيلة الشحّ وكربة الفقر، { رحيم } بالتوفيق لاكتساب الفضيلة وتيسيرها وإعطاء المال في الثالث وكذا الإشفاق والتوبة إنما يكونان لما ذكر. ثم أمر بما يزيل التخلف المذكور ورذيلة الشح وشدّة الفقر إذ بصلاة الحضور والمراقبة في مقام القلب يحصل الاول، وبزكاة الترك والتجريد يحصل الثاني، وبطاعة الله ورسوله في الأعمال الخيرية يحصل الثالث لأن الخير عادة، وببركة الطاعة ينتفي الفقر لحصول الاستغناء بالله قال الله تعالى:
"من أصلح أمر آخرته أصلح الله أمر دنياه" .