التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نُهُواْ عَنِ ٱلنَّجْوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ ٱلرَّسُولِ وَإِذَا جَآءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ ٱللَّهُ وَيَقُولُونَ فِيۤ أَنفُسِهِمْ لَوْلاَ يُعَذِّبُنَا ٱللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ
٨
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَاجَوْاْ بِٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ ٱلرَّسُولِ وَتَنَاجَوْاْ بِٱلْبِرِّ وَٱلتَّقْوَىٰ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيۤ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ
٩
إِنَّمَا ٱلنَّجْوَىٰ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَيْسَ بِضَآرِّهِمْ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ
١٠
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُواْ فِي ٱلْمَجَالِسِ فَٱفْسَحُواْ يَفْسَحِ ٱللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ ٱنشُزُواْ فَانشُزُواْ يَرْفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
١١
-المجادلة

تفسير القرآن

{ ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى } إنما نهوا لأن التناجي اتصال واتحاد بين اثنين في أمر يختص بهما لا يشاركهما فيه ثالث، وللنفوس عند الاجتماع والاتصال تعاضد وتظاهر يتقوّى ويتأيد بعضها بالبعض فيما هو سبب الاجتماع لخاصية الهيئة الاجتماعية التي لا توجد في الأفراد فإذا كانت شريرة يتناجون في الشر ويزداد فيهم الشر ويقوى فيهم المعنى الذي يتناجون به بالاتصال والاجتماع، ولهذا ورد بعد النهي: { ويتناجون بالإثم } الذي هو رذيلة القوى البهيمية { والعدوان } الذي هو رذيلة القوى الغضبية { ومعصية الرسول } التي هي رذيلة القوة النطقية بالجهل وغلبة الشيطنة. الا ترى كيف نهى المؤمنين بعد هذه الآية عن التناجي بهذه الرذائل المذكورة وأمرهم بالتناجي بالخيرات ليتقوّوا بالهيئة الاجتماعية ويزدادوا فيها فقال: { وتناجوا بالبرّ } أي: الفضائل التي هي أضداد تلك الرذائل من الصالحات والحسنات المخصوصة بكل واحدة من القوى الثلاث { والتقوى } أي: الاجتناب عن أجناس الرذائل المذكورة { واتّقوا الله } في صفات نفوسكم { الذي إليه تُحْشرون } بالقرب منه عند التجرّد منها { فافسحوا يفسح الله لكم } أي: افسحوا من ضيق التنافس في الجاه والنخوة فإنه من الهيئات النفسانية واستيلاء القوة السبعية وركود النفس في ظلمة الأنية واحتجابها عن الأنوار القلبية والروحية، فتنزهوا عنها { يفسح الله لكم } بالتجريد عن الهيئات البدنية والإمداد بالأنوار فتنشرح صدوركم وتنفسح ويتسع مكانكم في فضاء عالم القدس { يرفع الله الذين آمنوا منكم } الإيمان اليقيني { والذين أوتوا العلم } أي: علم آفات النفس ودقائق الهوى وعلم التنزّه منها بالتجريد { درجات } من الصفات القلبية والمراتب الملكوتية والجبروتية في عالم الأنوار { والله بما تعملون خبير } فيجازيكم ويعاقبكم بتلك الهيئات.