التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ
١٠
أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلاَ نُطِيعُ فيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
١١
لَئِنْ أُخْرِجُواْ لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُواْ لاَ يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ ٱلأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ
١٢
لأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِّنَ ٱللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ
١٣
لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ
١٤
كَمَثَلِ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذَاقُواْ وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
١٥
-الحشر

تفسير القرآن

{ والذين جاؤوا من } بعد الذين هاجروا إلى الفطرة، أي: اخذوا في السلوك وقطع منازل النفس متضرّعين قائلين بلسان الافتقار: { ربّنا اغفر لنا } هيئات الرذائل وصفات النفوس بأنوار القلوب { ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان } ذنوب التلوينات بظهور تلك الصفات والضلالة بعد الهدى { ولا تجعل في قلوبنا غلاًّ } بالاحتجاب بالهيئات السبعية والشيطانية ورسوخها في قلوبنا { ربنا إنك غفور } تستر تلك الهيئات بأنوار الصفات { رحيم } بإفاضة الكمالات وإراءة التجليات.
{ لأنتم أشدّ رهبة في صدورهم من الله } لاحتجابهم بالخلق عن الحق بسبب جهلهم بالله وعدم معرفتهم له إذ لو عرفوه لعلموا أن لا مؤثر غيره وشعروا بعظمته وقدرته فلم يبق عظم الخلق ولا أثرهم وقدرهم عندهم، كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: "عظم الخالق عندك يصغر المخلوق في عينك".
{ بأسهم بينهم شديد } لكونهم غير مقهورين هناك بقهر الله ولا واقعاً ظل قهر الرسول وهيبته وعكس نور تأييده وتنوّر نفسه بالاتصال بعالم القدس عليهم { تحسبهم جميعاً } لاتفاقهم في الظاهر { وقلوبهم شتّى } لانتفاء الجمعية الحقيقية بنور التوحيد عنها وتجاذب دواعيها لتفنن تعلقاتها بالأمور السفلية وتفرّقها عن الحق بالباطل لاحتجابها بالكثرة عن الوحدة { ذلك بأنهم قوم لا يعقلون } فيختارون طريق التوحيد العلمي ويتنحون عن السبل المتفرّقة الوهمية، فإن طريق العقل واحد وطرق شيطان الوهم متفرقة، وتشتت القلوب يوهن العزائم ويضعف القوى.