التفاسير

< >
عرض

كَمَثَلِ ٱلشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ ٱكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّنكَ إِنِّيۤ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ
١٦
فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَآ أَنَّهُمَا فِي ٱلنَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَآءُ ٱلظَّالِمِينَ
١٧
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
١٨
-الحشر

تفسير القرآن

{ كمثل الشيطان } أي: مثل إخوانهم المنافقين في إغوائهم كمثل الشيطان، أي: الوهم الإنساني، إذ زين للإنسان حال كونه على الفطرة اللذات الحسية والشهوات البدنية وحرّضه على مخالفة العقل بالهوى والاحتجاب بالطبيعة ليقع في الردى فلما احتجب بها عن الحق وانغمس في ظلمة النفس تبرأ منه بإدراك المعاني دونه، والتقرّب إلى جناب الحق بالترقي إلى الأفق العقلي والاطلاع على بعض الصفات الإلهية واستشعار الخوف بإدراك آثار العظمة والقدرة وأنوار الربوبية { فكان عاقبتهما أنهما في النار } لكونهما جسمانيين ملازمين للطبيعة ونيرانها المتفننة وآلامها المتنوعة { وذلك جزاء الظالمين } الذين وضعوا العبادة غير موضعها فعبدوا صنم الهوى وطاغوت البدن، واتخذوا آلهتهم أهواءهم.
{ يا أيها الذين آمنوا } الإيمان الغيبي التقليدي { اتّقوا الله } في اجتناب المعاصي والسيئات والرذائل واكتساب الحسنات والطاعات والفضائل { ولتنظر نفس ما قدّمت لغد } لما بعد الموت من الصالحات { واتقوا الله } في الاحتجاب بالأعراض والأغراض وتوسيط الحق للمشتهيات { إن الله خبير } بأعمالكم ونيّاتكم فيجازيكم بحسبها، كما قال عليه السلام:
"لكل امرىء ما نوى" . أو آمنوا الإيمان التحقيقي واتّقوا الله في الاحتجاب عنه بأفعالكم وصفاتكم { ولتنظر نفس ما قدّمت لغد } من محقرات الأعمال والصفات، فإنها حجب حاجزة ووسائل مردودة مذمومة، واتّقوا الله في البقيات والتلوينات فإن الله خبير بما تعملون بنفوسكم وما تعملون به لا بنفوسكم.