التفاسير

< >
عرض

يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ ٱلْمَلِكِ ٱلْقُدُّوسِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ
١
هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ
٢
وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
٣
ذَلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ
٤
مَثَلُ ٱلَّذِينَ حُمِّلُواْ ٱلتَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ ٱلْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ
٥
قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ هَادُوۤاْ إِن زَعمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَآءُ لِلَّهِ مِن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
٦
وَلاَ يَتَمَنَّونَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْديهِمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ
٧
قُلْ إِنَّ ٱلْمَوْتَ ٱلَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
٨
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ فَٱسْعَوْاْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ وَذَرُواْ ٱلْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
٩
-الجمعة

تفسير القرآن

{ إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة } كل وضع لا تطلع العقول البشرية على سببه فهو من طور وراء العقل المشوب بالوهم لامتناع وقوع التخصيص من غير مخصص كوضع حروف التهجي وأيام الأسابيع، بل وضع اللغات كلها، فإن في كل بقعة من بقاع الأرض لغة لا شك في أن أول التكلم بها أمر توقيفي اقتضاه استعداد خاص باجتماع أمور سفلية وعلوية لا يمكننا ضبطها، ولو قلنا بالاصطلاح لكان لا يخلو أيضاً من سبب يوجب الاصطلاح على ذلك الوضع المخصوص، فأيام الأسبوع وضعت بإزاء الأيام الإلهية التي هي مدة الدنيا وقد اشتهر فيما بين الناس في جميع الأعصار أن مدة الدنيا سبعة آلاف سنة على عدد الكواكب السبعة، فكل ألف سنة يوم من أيام الله لقوله: { وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } [الحج، الآية:47]. وتفيد مدة الدنيا بالسبعة هو أن جميع مدّة دور الخفاء المطلق ستة آلاف سنة ويبتدىء الظهور في السابع مع ظهور محمد عليه السلام كما قال: "بعثت أنا والساعة كهاتين" ، وجمع بين السبابة والوسطى. ويزداد إلى تمام سبعة آلاف سنة من لدن آدم عليه السلام أول الأنبياء إلى زمان المهدي عليه السلام، وينقضي الخفاء بالظهور التام لقيام الساعة ووقوع القيامة الكبرى وعند ذلك يظهر فناء الخلق والبعث والنشور والحساب ويتميز أهل النار وأهل الجنة ويرى عرش الله بارزاً كما حكى حارثة رضي الله عنه عن شهوده وهي في الآخرة.
فالستة منها هي التي خلق فيها السموات والأرض لأن الخلق حجاب الحق، فمعنى خلق اختفى بهما فأظهرهما وبطن، واليوم السابع هو يوم الجمع وزمان الاستواء على العرش بالظهور في جميع الصفات، وابتداء يوم القيامة الذي طلع فجره ببعثة نبينا محمد صلّى الله عليه و على آله، فالمحمديون أهل الجمعة ومحمد صاحبها وخاتم النبيين، وإنما سمي يوم الجمع لأنه وقت الظهور في صورة الاسم الأعظم لجميع الصفات ووقت استوائه في الظهور بجميعها بحيث لا يختلف بالظهور والخفاء. ولهذا السر ندبت الصلاة يوم الجمعة وقت الاستواء وكرهت في سائر الأيام، ويسمى هذا الظهور عين الجمع لاجتماع الكل فيه ولهذا المعنى سميت الجمعة جمعة. واتفق أهل الملل كلها من اليهود وغيرهم أن الله فرغ من خلق السموات والأرض في اليوم السابع، إلا أن اليهود قالوا: إنه السبت، وابتداء الخلق من الأحد. وعلى ما أوّلنا يكون هو يوم الجمعة. وكون الأحد ابتداء الخلق مؤوّل بان أحدية الذات منشأ الكثرة وإن جعلنا الأحد أول الأيام ووقت ابتداء الخلق كان دور النبوة دور الخفاء. وفي السادس ابتداء الظهور وازداد في الخواص حتى ينتهي إلى تمام الظهور وارتفاع الخفاء في آخره عند خروج المهدي، ويعم الظهور في السابع الذي هو السبت. ولما كان هذا اليوم - أي يوم الجمعة - موضوعاً بإزاء هذا المعنى، ندب الناس فيه إلى الفراغ من الأشغال الدنيوية التي هي حجب كلها والحضور والاجتماع في الصلاة وأوجب السعي إلى ذكر الله فيه وترك البيع لكي تتظاهر النفوس بهيئة الاجتماع في صلاة الحضور المعدّ للوصول إلى حضرة الجمع عسى أن يتذكر أحدهم بالفراغ عن الأشغال الدنيوية التجرّد عن الحجب الخلقية، وبالسعي إلى ذكر الله، السلوك في طريقه، والصلاة مع الاجتماع: الوصول إلى حضرة الجمع، فيفلح. { ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون } سرّ ذلك وحقيقته.