التفاسير

< >
عرض

ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱمْرَأَتَ نُوحٍ وَٱمْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ٱدْخُلاَ ٱلنَّارَ مَعَ ٱلدَّاخِلِينَ
١٠
وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ ٱمْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ٱبْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي ٱلْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ
١١
وَمَرْيَمَ ٱبْنَتَ عِمْرَانَ ٱلَّتِيۤ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ ٱلْقَانِتِينَ
١٢
-التحريم

تفسير القرآن

ثم بين أن الوصل الطبيعية والاتصالات الصورة يغير معتبرة في الأمور الأخروية بل المحبة الحقيقية والاتصالات الروحانية هي المؤثرة فحسب، والصورية التي بحسب اللحمة الطبيعية والخلطة والمعاشرة لا يبقى لها أثر فيما بعد الموت ولا تكون إلا في الدنيا بالتمثيلين المذكورين، وإن المعتبر في استحقاق الكرامة عند الله هو العمل الصالح والاعتقاد الحق كإحصان مريم وتصديقها بكلمات ربّها وطاعتها المعدّة إياها لقبول نفخ روح الله فيها. وقد يلوح بينهما أن النفس الخائنة التي لا تفي بطاعة الروح والقلب ولا بحسن معاشرتهما ولا تطيعهما بامتثال أوامرهما ونواهيهما ولا تحفظ أسرارهما وتبيح مخالفتهما وتسير بسير الإباحة باستراق كلمة التوحيد والطغيان بانتحال الكمال داخله في نار الحرمان وجحيم الهجران مع المحجوبين ولا تغني هداية الروح أو القلب عنها شيئاً من الإغناء في باب العذاب وإن أغنت عنها في باب الخلود، وإن القلب المقهور تحت استيلاء النفس الأمارة الفرعونية الطالب للخلاص بالالتجاء إلى الحق الذي قويت قوة محبة الله لصفائه وضعفت قوة قهره للنفس والشيطان لعجزه وضعفه لا يبقى في العذاب مخلداً ويخلص إلى النجاة ويبقى في النعيم سرمداً، وإن تعذب مجاورتها حيناً وتألم بأفعالها برهة. وان النفس المتزينة بفضيلة العّفة المشار إليها بإحصان الفرج هي القابلة لفيض روح القدس، الحاملة بعيسى القلب، المتنوّرة بنور الروح، المصدّقة بكلمات الربّ من العقائد الحكمية والشرائع الإلهية المطيعة لله مطلقاً علماً وعملاً وسرّاً وجهراً، المنخرطة في سلك التوحيد جمعاً وتفصيلاً باطناً وظاهراً والله تعالى أعلم.