التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
١
قَدْ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَٱللَّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ
٢
وَإِذْ أَسَرَّ ٱلنَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ ٱللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَـٰذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْخَبِيرُ
٣
إِن تَتُوبَآ إِلَى ٱللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ
٤
عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً
٥
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قُوۤاْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَّ يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ
٦
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَعْتَذِرُواْ ٱلْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
٧
-التحريم

تفسير القرآن

{ قوا أنفسكم وأهليكم ناراً } الأهل بالحقيقة هو الذي بينه وبين الرجل تعلق روحاني واتصال عشقي سواء اتصل به اتصالاً جسمانياً أو لا، وكل ما تعلق به تعلقاً عشقياً فبالضرورة يكون معه في الدنيا والآخرة فوجب عليه وقايته وحفظه من النار كوقاية نفسه فإنه زكّى نفسه عن الهيئات الظلمانية وفيه ميل ومحبة لبعض النفوس المنغمسة فيها لم يزكها بالحقيقة لأنه بتلك المحبة تنجذب إليها فيكون معها في الهاوية محجوباً بها سواء هي قواها الطبيعية الداخلة في تركيبه أو نفوس إنسانية منتكسة في عالم الطبيعة خارجة عن ذاته ولهذا يجب على الصادق محبة الأصفياء والأولياء ليحشر معهم فإن المرء يحشر مع من أحبّ. { ناراً وقودها الناس والحجارة } أي: ناراً مخصوصة من بين النيران بأن لا تتقد إلا بالناس والحجارة لكونها ناراً روحانية من صفات قهر الله تعالى مستولية على النفوس المرتبطة بالأمور السفلية المقترنة بالأجرام الجاسية الأرضية سلسلة المحبة الروحانية، فلما قرنت تلك النفوس أنفسها بها حباً وهوى حشرت معها في الهاوية { عليها } أي: يلي أمرها { ملائكة غلاظ } أعزاء جافية غلاظ الأجرام وهي القوى السماوية والملكوت الفعالة في الأمور الأرضية التي هي روحانيات الكواكب السبعة والبروج الاثنا عشر المشار إليها بالزبانية التسعة عشر غير مالك الذي هو الطبيعية الجسمانية الموكلة بالعالم السفلي وجميع القوى والملكوت المؤثرة في الأجسام التي لو تجرّدت هذه النفوس الإنسانية ترقت من مراتبها واتصلت بعالم الجبروت وصارت مؤثرة في هذه القوى الملكوتية ولكنها لما انغمست في الأمور البدنية وقرنت أنفسها بالأجرام الهيولانية المعبر عنها بالحجارة صارت متأثرة منها محبوسة في أسرها معذبة بأيديها { شداد } أي: أقوياء لا لين ولا رأفة ولا رحمة فيهم لأنهم مجبولون على القهر لا لذة لهم إلا فيه { لا يعصون الله ما أمرهم } لتسخرهم وانقيادهم لأمره وطاعتهم وإذعانهم له لأنهم وإن كانوا قهارين مؤثرين بالنسبة إلى ما تحتهم من أجرام هذا العالم وقواها فإنهم مقهورون ومتأثرون بالنسبة إلى الحضرة الإلهية، ولو لم يكن انقيادهم للأمر الإلهي طبعاً لما كان لهم تأثير في هذا العالم { ويفعلون ما يؤمرون } لدوام تأثيرهم وعدم تناهي قواهم وقدرهم.
{ لا تعتذروا اليوم } إذ ليس بعد خراب البدن ورسوخ الهيئات إلا الجزاء على الأعمال لامتناع الاستكمال ثمة.