التفاسير

< >
عرض

هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ ذَلُولاً فَٱمْشُواْ فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ ٱلنُّشُورُ
١٥
ءَأَمِنتُمْ مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ ٱلأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ
١٦
أَمْ أَمِنتُمْ مِّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ
١٧
وَلَقَدْ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نكِيرِ
١٨
أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى ٱلطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَـٰفَّـٰتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ ٱلرَّحْمَـٰنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ
١٩
-الملك

تفسير القرآن

{ هو الذي جعل لكم } أرض النفس { ذلولاً فامشوا } بأقدام الفطرة في أعالي صفاتها وأعز أطرافها وجهاتها وأقهروها مذللة { وكلوا من رزقه } الذي ينال من جهتها أي: العلم المأخوذ من الحسّ وهو الأكل من تحت الأرجل المشار إليه بقوله: { لأَكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم } [المائدة، الآية:66] { وإليه النشور } بالعروج إلى مقام الولاية وحضرة الجمع.
{ أأمنتم } الذي قهر سلطانه سماء الروح وبهر نوره شمس العقل بالتأثير والتنوير { أن يخسف بكم } أرض النفس بأن يحركها ويقلبها عليكم فتقهركم وتستولي عليكم فتذهب بنوركم وتهلككم وتجعلكم أسفل سافلين { فإذا هي } تضطرب عالية طياشة لا قرار لها ولا طمأنينة بالسكينة لما في طباعها من الطيش والاضطراب { أم أمنتم } ذلك العالي القهار { أن يرسل عليكم } حاصب صفات النفس ولذاتها وشهواتها المستعلية بريح الهوى على القلب في جوّ الأماني والآمال فيهلككم هلاك المكذبين الذين تحرّكت نفوسهم بقهر من الله فاحتجبوا بظلماتها عن نور هداية الرسل فخسفوا ومسخوا وكان من حالهم ما يتعجب منه، وعاينوا ما أنذروا به من المنكر الفظيع.
{ أو لم يروا إلى } طير المعارف والحقائق والإشراقات النورية والمعاني القدسية { فوقهم } في سماء الروح { صافات } أنفسهنّ مترتبة متناسق فيها { ويقبضن } عن النزول إلى القلب { ما يمسكهنّ إلاَّ الرحمن } المسوّي للاستعداد، المهيىء لقبولها، المودع إياها فيها، المرتب لها بسعة رحمته الواسعة الشاملة لكل ما خلق وقدر، المعطية كل شيء خلقه. وما يرسلهنّ إلا الرحيم المفيض لكل ما قدّر من الكمال بحسب الاستعداد المظهر لكل ما دبر في الغيب من المعاني والصفات { إنه بكل شيء بصير } في مكمن غيبه فيعطيه ما يليق به ويسوّيه بحسب مشيئته ويودع فيه ما يريده بمقتضى حكمته ثم يهديه إليه بتوفيقه.