التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ طِبَاقاً مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ ٱلرَّحْمَـٰنِ مِن تَفَاوُتٍ فَٱرْجِعِ ٱلْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ
٣
ثُمَّ ٱرجِعِ ٱلبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ ٱلبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ
٤
وَلَقَدْ زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَٰبِيحَ وَجَعَلْنَٰهَا رُجُوماً لِّلشَّيَٰطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ ٱلسَّعِيرِ
٥
-الملك

تفسير القرآن

{ الذي خلق سبع سماوات طباقاً } نهاية كمال عالم الملك في خلق السموات لا ترى أحكم خلقاً وأحسن نظاماً وطباقاً منها. وأضاف خلقها إلى الرحمن لأنها من أصول النعم الظاهرة ومبادىء سائر النعم الدنيوية، وسلب التفاوت عنها لبساطتها واستدارتها ومطابقة بعضها بعضاً وحسن انتظامها وتناسبها، ونفي الفطور لامتناع خرقها والتئامها وإنما قال: { ثم ارجع البصر كرّتين } لأن تكرار النظر وتجوال الفكر مما يفيد تحقق الحقائق وإذا كان ذلك فيها عند طلب الخروق والشقوق لا يفسد إلا الخسوء والحسور تحقق الامتناع، وما أتعب من طلب وجود الممتنع.
{ ولقد زيّنا السماء الدنيا } من السموات المعنوية، أي: العقل الإنساني { بمصابيح } الحجج والبينات { وجعلناها رجوماً } لشياطين الوهم والخيال { وأعتدنا لهم عذاب } سعير الاحتجاب في قعر الطبيعة والهويّ في هاوية العالم الجسماني والبرزخ الغاسق الظلماني أو السماء المحسوسة التي هي أقرب إلينا من السماء العقلية بمصابيح الكواكب، { وجعلناها } بحيث ترجم بها النفوس البعيدة عن عالم النور لظلمة جواهرها بملازمة الغواسق الجسمانية المخالفة بجواهرها الخبيثة عن الجواهر المقدّسة التي غلب عليها ظلمة الكون وشدّة الرين وتكدّرت بمباشرة الشهوات الطبيعية وتلوّثت بألواث التعلقات الجسمانية وامتزجت بها فترسخت فيها الهيئات المظلمة وتغيرت عن طباعها فتأثرت بتأثيرات الأجرام العلوية كلما اشتاقت بسنخها إلى عالمها، رجمتها روحانيات الكواكب وطردتها إلى جحيم العالم السفلي وألزمتها مجاورة الهياكل المناسبة لهيئاتها وملازمة البرازخ المشاكلة لطباعها وألقتها في عذاب تضادّ الطبائع وسعير استيلاء طبائع تلك الغواسق.