التفاسير

< >
عرض

وَلِلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ
٦
إِذَآ أُلْقُواْ فِيهَا سَمِعُواْ لَهَا شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ
٧
تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ
٨
قَالُواْ بَلَىٰ قَدْ جَآءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ كَبِيرٍ
٩
وَقَالُواْ لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِيۤ أَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ
١٠
فَٱعْتَرَفُواْ بِذَنبِهِمْ فَسُحْقاً لأَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ
١١
إِنَّ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِٱلْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ
١٢
وَأَسِرُّواْ قَوْلَكُمْ أَوِ ٱجْهَرُواْ بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ
١٣
أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلْخَبِيرُ
١٤
-الملك

تفسير القرآن

{ وللّذين } حجبوا عن ربّهم عامة سواء الشياطين الذين هم في غاية البعد والمنافاة وقوة الشرّ وغيرهم من الضعفاء المحجوبين الذي ليسوا في غاية الشرارة { عذاب جهنم } أي: العالم السفلي الغاسق المضادّ بطبعه لعالم النور { وبئْس المصير } ذلك المهوى المظلم المهين المحرق { إذا ألقوا فيها سمعوا } لأهلها الأصوات المنكرة المنافية لأصوات الأناسيّ والروحانيين أو لأنفسهم فإنهم يصطرخون فيها بأصوات الحيوانات القبيحة المنظرة المنكرة الصوت { وهي تفور } تغلي عليهم وتستولي وتعلو.
{ تكاد تميز من الغيظ } أي: تتفارق أجزاؤها من شدّة غلبة التضاد عليها وشدّة مضادتها لجواهر النفوس. ولعمري إن شدّة منافرة الطباع بعضها بعضاً تستلزم شدّة العداوة والبغض المقتضية لشدة الغيظ والحنق، فتلك المهواة لشدة منافاتها بالطبع لعالم النور والجوهر المجرد وأصل فطرة النفس يشتدّ غيظها عليها وتحرقها بنار غضبها أعاذنا الله من ذلك.
والخزنة هم النفوس الأرضية والسماوية الموكلة بعالم الطبيعة السفلية وسؤالهم اعتراضهم ومنعهم إياها عن النفوذ من الجحيم بحجة تكذيب الرسل ومنافاة عقائدها لما جاءت به ومعاندتها إياهم وعدم معرفتها بالله وكلامه وصممها عن الحق وانتفاء سماعها وعدم عقلها عن الله معارفه وآياته ودلائل توحيده وبيناته فإنهم لو سمعوا وعقلوا لعرفوا الحق وأطاعوا فنجوا وخلصوا إلى عالم النور وجوار الحق فما كانوا في أصحاب السعير.
{ إنّ الذين يخشون ربّهم } بتصور عظمته غائبين عن الشهود الصفاتي في مقام النفس بتصديق الاعتقاد { لهم مغفرة } من صفات النفس { وأجر كبير } من أنوار القلب وجنة الصفات أو الذين يخشون ربّهم بمطالعة صفات العظمة في مقام القلب غائبين عن الشهود الذاتي لهم مغفرة من صفات القلب وأجر كبير من أنوار الروح وجنة الذات { إنه عليم بذات الصدور } لكون تلك السرائر عين علمه، فكيف لا يعلم ضمائرها من خلقها وسوّاها وجعلها مرائي أسراره { وهو اللطيف } الباطن علمه فيها، النافذ في غيوبها { الخبير } بما ظهر من أحولها، أي: المحيط ببواطن ما خلق وظواهره بل هو هو بالحقيقة باطناً وظاهراً لا فرق إلا بالوجوب والإمكان والإطلاق والتقييد واحتجاب الهوية بالهذية والحقيقة بالشخصية.