التفاسير

< >
عرض

خَٰشِعَةً أَبْصَٰرُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُواْ يُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ وَهُمْ سَٰلِمُونَ
٤٣
فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ
٤٤
وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ
٤٥
أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ
٤٦
أَمْ عِندَهُمُ ٱلْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ
٤٧
فَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تَكُن كَصَاحِبِ ٱلْحُوتِ إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ
٤٨
لَّوْلاَ أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِٱلْعَرَآءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ
٤٩
فَٱجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ
٥٠
وَإِن يَكَادُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُواْ ٱلذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ
٥١
وَمَا هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ
٥٢
-القلم

تفسير القرآن

{ خاشعة أبصارهم } ذليلة متحيرة لذهاب قوتها النورية وعدم قدرتها على النظر إلى عالم النور وبعدها عن إدراك الشعاع مفيد السرور { ترهقهم ذلّة } الركون إلى السفليات والركود إلى خساسة الانفعاليات وملازمة الطبيعيات { وقد كانوا يدعون }عند بقاء الاستعداد ووجود الآلات { إلى } سجود الانقياد بتهيئة الاستعداد لقبول الإمداد من عالم الأنوار { وهم سالمون } الاستعداد متمكنون على إحراز السعادة في المعاد.
{ فاصبر لحكم ربّك } بسعادة من سعد وشقاوة من شقي ونجاة من نجا وهلاك من هلك وهداية من اهتدى وضلال من ضلّ { ولا تكن كصاحب الحوت } في استيلاء صفات النفس عليه وغلبة الطيش والغضب والاحتجاب عن حكم الربّ حتى ردّ عن جناب القدس إلى مقر الطبع { فالتقمه } حوت الطبيعة السفلية في مقام النفس وابتلي بالاجتنان في بطن حوت الرحم { إذ نادى } ربّه لقهر قومه وإهلاكهم لفرط الغضب عن مقام النفس لا بإذن الحق { وهو } ممتلىء غيظاً { لولا أن تداركه نعمة } كاملة { من ربّه } بالهداية إلى الكمال لبقاء سلامة الاستعداد وعدم رسوخ الهيئة الغضبية والتوبة عن فرطات النفس والتنصل عن صفاتها { لنبذ بالعراء } أي: بظاهر عالم الحسّ وطرد من جناب القدس بالكلية وترك في وادي النفس { وهو مذموم } موصوف بالرذائل مستحق للإذلال والخذلان، محجوب عن الحق، مبتلى بالحرمان، ولكنه اجتباه { ربّه } برحمته لمكان سلامة فطرته وبقاء نوره الأصلي فقرّبه إليه وجمعه إلى ذاته بإلقاء كلمة التوحيد إليه وإيصاله إلى مقام الجمع { وجعله من الصالحين } لمقام النبوّة بالاستقامة حال البقاء بعد الفناء في عين الجمع، والله تعالى أعلم.