التفاسير

< >
عرض

وَجَآءَ فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ وَٱلْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ
٩
فَعَصَوْاْ رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً
١٠
إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلْمَآءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي ٱلْجَارِيَةِ
١١
لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَآ أُذُنٌ وَاعِيَةٌ
١٢
فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ
١٣
وَحُمِلَتِ ٱلأَرْضُ وَٱلْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً
١٤
فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ
١٥
-الحاقة

تفسير القرآن

{ وجاء فرعون } النفس الأمارة { ومن قبله } من قواها وأعوانها { والمؤتفكات } من القوى الروحانية المنقلبة عن طباعها الميل إلى الظاهر والانقلاب عن المعقول إلى المحسوس { بالخاطئة } بالخصلة التي هي خطأ وهي المجاوزة عن البواطن إلى الظاهر.
{ فعصوا رسول ربّهم } أي: العقل الهادي إلى الحق { فأخذهم } بالغرق في بحر الهيولى ورجفة اضطراب مزاج البدن وخرابه { أخذة } زائدة في الشدّة.
{ إنّا لما طغى } ماء طوفان الهيولى { حملناكم } في جارية الشريعة المركبة من الكمال العلمي والعملي { لنجعلها لكم تذكرة } لعالم القدس وحضرة الحق التي هي مقرّكم الأصلي ومأواكم الحقيقي { وتعيها أذن واعية } أي: تحفظها أذن حافظة لما سمعت من الله في بدء الفطرة باقية على حالها الفطرية غير ناسية لعهده وتوحيده، وما أودعها من أسراره بسماع اللغو في هذه النشأة وحفظ الباطل من الشيطان والإعراض عن جناب الرحمن، ولهذا لما نزلت قال النبي صلى الله عليه وسلم لعليّ عليه السلام:
"سألت الله أن يجعلها أذنك يا عليّ" ، إذ هو الحافظ لتلك الأسرار كما قال: "ولدت على الفطرة وسبقت إلى الإيمان والهجرة".
{ فإذا نُفِخ في الصور } هي النفخة الأولى التي للإماتة في القيامة الصغرى إذ يمنع حمله على الكبرى قوله:
{ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ } [الحاقة، الآية:19] وما بعده من التفصيل. وهذا النفخ عبارة عن تأثير الروح القدسي بتوسط الروح الإسرافيلي الذي هو موكل بالحياة في الصورة الإنسانية عند الموت لإزهاق الروح فيقبضه الروح العزرائيلي وهو تأثير في آن واحد، فلذلك وصفها بالوحدة.
{ وحملت } أرض البدن وجبال الأعضاء { فدكتا دكّة واحدة } وجعلتا أجزاء عنصرية متفرقة.