التفاسير

< >
عرض

وَٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ
١٦
وَٱلْمَلَكُ عَلَىٰ أَرْجَآئِهَآ وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ
١٧
يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاَ تَخْفَىٰ مِنكُمْ خَافِيَةٌ
١٨
فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَآؤُمُ ٱقْرَءُواْ كِتَـٰبيَهْ
١٩
إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ
٢٠
فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ
٢١
فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ
٢٢
قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ
٢٣
كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِي ٱلأَيَّامِ ٱلْخَالِيَةِ
٢٤
-الحاقة

تفسير القرآن

{ وانشقت } سماء النفس الحيوانية وانقشعت لزهوق الروح بانفلاقها عنه { فهي يومئذ واهية } لا تقدر على الفعل ولا تقوى على التحريك والإدراك حالة الموت.
{ والملك } أي: القوى التي تمدّها وتأوي إليها وتعتمد عليها في الإدراك وتجتمع مدركاتها عندها أو تدرك بواسطتها أو تظهر بها مدركاتها { على أرجائها } أي: جوانبها من الروح والقلب والعقل والجسم، فافترقت عنها وتشعبت إلى جهاتها الناشئة منها أولاً { ويحمل عرش ربّك } أي: القلب الإنساني { فوقهم يومئذ ثمانية } منهم هي الأنوار القاهرة أرباب الأصنام العنصرية من الصور النوعية تحمله بالاجتماع من الطرفين العلوي والسفلي الفاعل والحامل عند البعث والنشور من كل طرف أربعة. ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام:
"هم اليوم أربعة، فإذا كان يوم القيامة أيدّهم الله بأربعة آخرين فيكونون ثمانية" ، ولكن تلك الأملاك مختلفة الحقائق بحسب اختلاف أصنافها العنصرية قال بعضهم: إنها مختلفة الصور ولكونها مستولية مستعلية على تلك الأجرام شبّهت بالأوعال، وقيل: هم على صور الأوعال تشبيهاً لأجرامها بالجبال ولكونها شاملة لتلك الأجرام بالغة إلى أقصاها حيث ما بلغت. قال بعضهم: ثمانية أملاك أرجهلم في تخوم الأرض السابعة والعرش فوق رؤوسهم وهم مطرقون مسبحون والله أعلم بحقائق الأمور.
{ يومئذ تعرضون } على الله بما في أنفسكم من هيئات الأعمال وصورالأفعال { لا تخفى منكم خافية فأما من أوتي كتابه } أي: اللوح البدني الذي فيه صور أعماله { بيمينه } أي: جانبه الأقوى الإلهي الذي هو العقل فيفرح به ويحب الاطلاع على أحواله من الهيئات الحسنة وآثار السعادة وهو معنى قوله: { هاؤهم اقرؤوا كتابيه * إني ظننت } إني تيقنت { أني ملاق حسابيه } لإيماني بالبعث والنشور والحساب والجزاء { فهو في عيشة راضية } أي: حياة حقيقية أبدية سرمدية { في جنّة } من جنان القلب والروح { عالية قطوفها } من مدركات القلب والروح من المعاني والحقائق { دانية } كلما شاؤوا نالوها.