التفاسير

< >
عرض

وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَٰبَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يٰلَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَٰبِيَهْ
٢٥
وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ
٢٦
يٰلَيْتَهَا كَانَتِ ٱلْقَاضِيَةَ
٢٧
مَآ أَغْنَىٰ عَنِّي مَالِيَهْ
٢٨
هَّلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ
٢٩
خُذُوهُ فَغُلُّوهُ
٣٠
ثُمَّ ٱلْجَحِيمَ صَلُّوهُ
٣١
ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ
٣٢
إِنَّهُ كَانَ لاَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ ٱلْعَظِيمِ
٣٣
وَلاَ يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ
٣٤
فَلَيْسَ لَهُ ٱلْيَوْمَ هَا هُنَا حَمِيمٌ
٣٥
وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ
٣٦
لاَّ يَأْكُلُهُ إِلاَّ ٱلْخَاطِئُونَ
٣٧
فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ
٣٨
وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ
٣٩
إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ
٤٠
وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ
٤١
وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ
٤٢
تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ
٤٣
وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ ٱلأَقَاوِيلِ
٤٤
لأَخَذْنَا مِنْهُ بِٱلْيَمِينِ
٤٥
ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ ٱلْوَتِينَ
٤٦
فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ
٤٧
وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ
٤٨
وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُمْ مُّكَذِّبِينَ
٤٩
وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ
٥٠
وَإِنَّهُ لَحَقُّ ٱلْيَقِينِ
٥١
فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ
٥٢
-الحاقة

تفسير القرآن

{ وأما من أوتي كتابه بشماله } أي: جانبه الأضعف النفساني الحيواني، فيتحسر ويتندّم ويتوحش من تلك الصور والهيئات السمجة والقبائح التي نسيها وأحصاها الله ويتنفر منها ويتمنى الموت عندها ويتيقن أن الذي صرف عمره فيه وأكبّ بوجهه عليه من المال والسلطنة والجاه ما كان ينفعه بل يضرّه، وهو معنى قوله: { يا ليتني لم أوت كتابيه } إلى آخره، وينادى على لسان العزة والقهر الملكوت الموكل بعالم الكون والفساد من النفوس السماوية والأرضية أن { خذوه فغلوه } أي: قيدوه بما يناسب هيئات نفسه من الصور واحبسوه في سجين الطبيعة بما يمنع الحركات على وفق الإرادة من الأجرام { ثم } جحيم الحرمان ونيران الآلام { صلوه * ثم في سلسلة } الحوادث الغير المتناهية { فاسلكوه } ليتعذب بأنواع التعذيبات. والسبعون في العرف عبارة عن الكثرة الغير المحصورة لا العدد المعين { إنه كان لا يؤمن بالله } أي: كل ذلك بسبب كفره واحتجابه عن الله وعظمته وشحه لمحبّة المال { فليس له اليوم ها هنا حميم } لاستيحاشه عن نفسه فكيف لا يستوحش غيره عنه وهو متنفر عن كل أحد حتى عن نفسه؟، { ولا طعام إلاَّ من } غسالات أهل النار وصديدهم وقد شاهدناهم يأكلونها عياناً.
{ فلا أقسم } بالظاهر والباطن من العالم الجسماني والروحاني، الوجود كله ظاهراً وباطناً{ وإنه لحقّ اليقين } أي: محض اليقين وهو الكلام الوارد من عين الجمع، إذ لو نشأ من مقام القلب لكان علم اليقين، ولو نشأ من مقام الروح لكان عين اليقين. فلما صدر من مقام الوحدة كان حق اليقين، أي: يقيناً حقاً صرفاً لا شوب له بالباطل الذي هو غيره. نسب القول أولاً إلى الرسول ثم إلى الحق ليفيد التوحيد الذاتي، ثم قال: { فسّبح باسم ربّك العظيم } أي: نزّه الله وجرّده عن شوب الغير بذاتك الذي هو اسمه الأعظم الحاوي للأسماء كلها لأن لا يظهر في شهودك تلوين من النفس أو القلب فتحتجب برؤية الاثنينية أو الأنائية وإلا كنت مشبِّهاً لا مسبِّحاً، والله تعالى أعلم.