التفاسير

< >
عرض

سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ
١
لِّلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ
٢
مِّنَ ٱللَّهِ ذِي ٱلْمَعَارِجِ
٣
تَعْرُجُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ
٤
فَٱصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً
٥
إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً
٦
وَنَرَاهُ قَرِيباً
٧
يَوْمَ تَكُونُ ٱلسَّمَآءُ كَٱلْمُهْلِ
٨
وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَٱلْعِهْنِ
٩
وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً
١٠
يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ ٱلْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ
١١
وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ
١٢
وَفَصِيلَتِهِ ٱلَّتِي تُؤْوِيهِ
١٣
وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ
١٤
-المعارج

تفسير القرآن

{ ذي المعارج } أي: المصاعد وهي مراتب الترقي من مقام الطبائع إلى مقام المعادن بالاعتدال، ثم إلى مقام النبات، ثم إلى الحيوان، ثم إلى الإنسان في مدارج الانتقالات المترتبة بعضها فوق بعض، ثم في منازل السلوك كالانتباه واليقظة والتوبة والإنابة إلى آخر ما أشار إليه أهل السلوك من منازل النفس ومناهل القلب، ثم في مراتب الفناء في الأفعال والصفات إلى الفناء في الذات مما لا يحصى كثرة. فإن له تعالى بإزاء كل صفة مصعداً بعد المصاعد المتقدمة على مقام الفناء في الصفات.
{ تعرج الملائكة } من القوى الأرضية والسماوية في وجود الإنسان { والروح } الإنساني إلى حضرته الذاتية الجامعة في القيامة الكبرى { في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة } أي: في الأدوار المتطاولة والدهورالمتمادية من الأزل إلى الأبد لا المقدار المعين. ألا ترى إلى قوله في مثل هذا المقام في عروج الأمر:
{ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } [السجدة، الآية:5].
{ فاصبر صبراً جميلاً } فإن العذاب يقع في هذه المدة المتطاولة يوم { يرونه } لاحتجابهم عنه { بعيداً * ونراه قريباً } حاضراً واقعاً يتوهمه المحجوبون متأخراً إلى زمان منتظر لغيبتهم عنه ونحن نراه حاضراً.
{ يوم تكون } سماء النفس الحيوانية متذائبة متفانية { كالمُهل } على ما مر في قوله:
{ وَرْدَةً كَٱلدِّهَانِ } [الرحمن، الآية:37] { وتكون } جبال الأعضاء هباء منبثاً على اختلاف ألوانها { كالعهن * ولا يسئل حميم حميماً } لشدّة الأمر وتفاقم الخطب وتشاغل كل أحد بما ابتلي به من هيئات نفسه وأهوال ما وقع فيه مع ترائيهم.