التفاسير

< >
عرض

وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا ٱتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً
٣
وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى ٱللَّهِ شَطَطاً
٤
وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ ٱلإِنسُ وَٱلْجِنُّ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً
٥
وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ ٱلإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ ٱلْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً
٦
وَأَنَّهُمْ ظَنُّواْ كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ ٱللَّهُ أَحَداً
٧
وَأَنَّا لَمَسْنَا ٱلسَّمَآءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً
٨
-الجن

تفسير القرآن

{ وأنه تعالى } عظمة { ربّنا } من أن نتصوّره مدركة فتكيفه فيدخل تحت جنس فيتخذ { صاحبة } من صنف تحته أو { ولداً } من نوع يماثله { وأنه كان يقول سفيهنا } الذي هو الوهم { على الله شططاً } بأن كان يتوهمه في جهة ويجعله من جنس الموجودات المحفوفة باللواحق المادية فيماثل المخلوقات صنفاً أو نوعاً { وأنّ ظننا أن لن تقول } إنس الحواس الظاهرة ولا جنّ القوى الباطنة { على الله كذباً } فيما أدركوا منه فتوهمنا أن البصر يدرك شكله ولونه والأذن تسمع صوته والوهم والخيال يتوهمه ويتخيله حقاً مطابقاً لما هو عليه قبل الاهتداء والتنوّر، فعلمنا من طريق الوحي أن ليست في شيء من إدراكه بل هو يدركها ويدرك ما تدركه ولا تدركه.
{ وأنه كان رجال من الإنس يعوذون } أي: تستند القوى الظاهرة إلى القوى الباطنة وتتقوّى بها { فزادوهم } غشيان المحارم وإتيان المناهي بالدواعي الوهمية والنوازع الشهوية والغضبية والخواطر النفسانية.
{ وأنهم ظنّوا كما ظننتم } قبل التنوّر بنور الهدى { أن لن يبعث الله } عليهم العقل المنوّر بنور الشرع فيهذبهم ويزكيهم ويؤدّبهم بالآداب الحسنة فيأتون ما يشتهون بمقتضى طباعهم ويعملون على حسب غرائزهم وأهوائهم ويتركون سدى بلا رياضة ويهملون هملاً بلا مجاهدة.
{ وأنّا لمسنا } أي: طلبنا سماء العقل لنستفيد من مدركاته ما نتوصل به إلى لذاتنا ونسترق من مدركاته ما يعين في تحصيل مآربنا كما كان قبل التأدّب بالشرائع { فوجدناها ملئت حرساً شديداً } معاني حاجزة عن بلوغنا مقاصدنا وحكماً مانعة لنا عن مشتهياتنا قوية { وشُهباً } وأنواراً قدسية وإشراقات نورية تمنعنا من إدراك المعاني التي صفت عن شوب الوهم والوصول إلى طور العقل المنوّر بنور القدس، فإن العقل قبل الهداية كان مشوباً بالوهم، قريباً من أفق الخيال والفكر، مقصوراً على تحصيل المعاش مناسباً للنفس وقواها.