التفاسير

< >
عرض

إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً
٥
إِنَّ نَاشِئَةَ ٱللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيلاً
٦
إِنَّ لَكَ فِي ٱلنَّهَارِ سَبْحَاً طَوِيلاً
٧
وَٱذْكُرِ ٱسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً
٨
رَّبُّ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَٱتَّخِذْهُ وَكِيلاً
٩
وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً
١٠
وَذَرْنِي وَٱلْمُكَذِّبِينَ أُوْلِي ٱلنَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً
١١
-المزمل

تفسير القرآن

{ إنّا سنلقي عليك } بتأييدك بروح القدس وإفاضة نوره عليك حتى يخرج ما فيك بالقوة إلى الفعل من المعاني والحِكَم { قولاً ثقيلاً } ذا وزن واعتبار { إن ناشئة الليل } أي: النفس المنبعثة من مقام الطبيعة ومقيل الغفلة { هي أشدّ } موافقة للقلب وأصوب، قولاً صادراً من العلم لا من التخيل والظنّ والوهم { إنّ لك } في نهار مقام القلب وزمان طلوع شمس الروح { سبحاً } أي: سيراً وتصرّفاً وتقلّباً في الصفات الإلهية ومقامات الطريق { طويلاً } بلا أمد ونهاية.
{ واذكر اسم ربّك } الذي هو أنت، أي: اعرف نفسك واذكرها ولا تنساها فينساك الله، واجتهد لتحصيل كمالها بعد معرفة حقيقتها { وتبتل } وانقطع إلى الله بالإعراض عما سواه انقطاعاً تاماً معتدّاً به { ربّ المشرق والمغرب } أي: الذي ظهر عليك نوره فطلع من أفق وجودك بإيجادك، والمغرب الذي اختفى بوجودك وغرب نوره فيك واحتجب بك { لا إله } في الوجود { إلاَّ هو } أي: لا شيء في الوجود يعبد غيره، هو الأول والآخر، والظاهر والباطن { فاتّخذه وكيلاً } أي: انسلخ عن فعلك وتدبيرك برؤية جميع الأفعال منه فيكون أمرك موكولاً إليه يدبر أمرك ويفعل بك ما يشاء فكنت متوكلاً.
{ واصبر على ما يقولون } واحبس نفسك عن الطيش والاضطراب والحركة في طلب الرزق والاهتمام به على ما توسوس إليك قوى نفسك وتلقي إليك من خواطر الوهم ودواعي الشهوة ونوازغ الهوى فتبعثك وتتعبك في حوائجك { واهجرهم } بالإعراض عنهم { هجراً } مبنياً على العلم الشرعيّ والعقلي لا على الهوى والرعونة { وذرني } وإياهم فإنهم المكذبون بمقام التوكل وتكفلي بحوائجك لاحتجابهم بما أنعمت عليهم من نعمة الإدراك والشعور والقدرة والإرادة عني فلا يشعرون إلا بقواهم وقدرهم ولا يصدّقون قولي { ومهِّلهم قليلاً } ريثما أسلب عنهم القوة والقدرة بتجلي الصفات فيظهرعجزهم.