التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلْمُدَّثِّرُ
١
قُمْ فَأَنذِرْ
٢
وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ
٣
وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ
٤
وَٱلرُّجْزَ فَٱهْجُرْ
٥
وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ
٦
وَلِرَبِّكَ فَٱصْبِرْ
٧
-المدثر

تفسير القرآن

{ يا أيها المدّثر } أي: المتلبس بدثار البدن، المحتجب بصورته { قُمْ } عن ما ركنت إليه وتلبست به من أشغال الطبيعة وانتبه عن رقدة الغفلة { فأنذر } نفسك وقواك وجميع من عداك عذاب يوم عظيم { وربّك فكبر } أي: إن كنت تكبر شيئاً وتعظم قدره فخصص ربّك بالتعظيم والتكبير لا يعظم في عينك غيره ويصغر في قلبك كل ما سواه بمشاهدة كبريائه { وثيابك فطهّر } اي: ظاهرك طهره أولاً قبل تطهير باطنك عن مدانس الأخلاق وقبائح الأفعال ومذامّ العادات ورجز الهيولى المؤدّي إلى العذاب { فاهجر } أي: جرّد باطنك عن اللواحق المادية والهيئات الجسمانية الغاسقة والغواشي الظلمانية الهيولانية { ولا تمنن تستكثر } ولا تعطي المال عند تجرّدك عنه مستغزراً طالباً للأغواض والثواب الكثير به، فإن ذلك احتجاب بالنعمة عن المنعم وقصور همّة، بل خالصاً لوجه الله افعل ما تفعل صابراً على الفضيلة له لا لشيء آخر، وهذا معنى قوله:
{ ولرّبك فاصبر } أو لا تعط ما أعطيت في الزهد والطاعة والترك والتجريد مستكثراً رائياً إياه كثيراً فتحتجب برؤية فضيلتك وتبتلى بالعجب فيكون ذنب رؤية الفضيلة أعظم من ذنب الرذية، كما قال عليه السلام:
"لو لم تذنبوا لخشيت عليكم أشدّ من الذنب، العجب العجب العجب" ، بل اصبر على الفضيلة خالصاً لوجه ربّك لا لغرض آخر هارباً عن الرذيلة بالطبع لا فضيلة لها أصلا، فلا تبتهج برؤية زينتها بالفضيلة بل بفضل الله عليك فتتذلل وتخضع لا تتعزز وتستكثر.