التفاسير

< >
عرض

وَفُتِحَتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً
١٩
وَسُيِّرَتِ ٱلْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً
٢٠
إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً
٢١
لِّلطَّاغِينَ مَآباً
٢٢
لاَّبِثِينَ فِيهَآ أَحْقَاباً
٢٣
لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلاَ شَرَاباً
٢٤
إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً
٢٥
جَزَآءً وِفَاقاً
٢٦
إِنَّهُمْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ حِسَاباً
٢٧
وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا كِذَّاباً
٢٨
وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً
٢٩
فَذُوقُواْ فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً
٣٠
-النبأ

تفسير القرآن

{ وفتحت } سماء الروح عند العود إلى البدن بأبواب الحواس الظاهرة والباطنة { فكانت أبواباً } أي: ذات أبواب كثيرة هي طرق الشعور كأنه كلها أبوابها لكثرتها.
{ وسيرت } جبال الحجب الساترة لهيئاتهم وصفاتهم عن الأعين الحاجزة عن ظهورها من الأبدان والأعضاء العارضة دون تلك الهيئات التي ظهرت في المحشر { فكانت سراباً } كقوله تعالى:
{ فَكَانَتْ هَبَآءً مُّنبَثّاً } [الواقعة، الآية:6] أي: صارت شيئاً كلا شيء في انبثاثها وتفرّق أجزائها.
{ إنّ جهنم } الطبيعة { كانت مرصاداً } حدّاً يرصد فيه كل أحد، يرصدهم عندها الملائكة، أما السعداء فلمجاوزتهم وممرّهم عليها لقوله تعالى:
{ وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً * ثُمَّ نُنَجِّي ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } [مريم، الآيات:71 - 72]. "وعن الصادق عليه السلام أنه سئل عن الآية فقيل له: أنتم أيضاً واردوها؟ فقال: جزناها وهي خامدة" . وأما الأشقياء فلكونها مآبهم كما قال: { للطاغين مآباً } وكقوله: { وَّنَذَرُ ٱلظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً } [مريم، الآية:72].
{ لابثين فيها أحقاباً } أزمنة متطاولة متتابعة إما غير متناهية إن كانت الاعتقادات باطلة فاسدة أو متناهية بحسب رسوخ الهيئات إن كانت الأعمال سيئة مع عدم الاعتقاد أو مع الاعتقاد الصحيح. { لايذوقون فيها برداً } روحاً وراحة من أثر اليقين { ولا شراباً } من ذوق المحبة ولذتها { إلا حميماً } من أثر الجهل المركب { وغساقاً } من ظلمة هيئات محبة الجواهر الفاسقة والميل إليها { جزاء } موافقاً لما ارتكبوه من الأعمال وقدموه من العقائد والأخلاق.
{ إنهم كانوا لا يرجون حساباً } أي: ذلك العذاب لأنهم كانوا موصوفين بهذا الرذائل من عدم توقع المكافآت والتكذيب بالآيات والصفات أي: لفساد العمل والعلم فلم يعملوا صالحاً رجاء الجزاء ولم يعلموا علماً فيصدقوا بالآيات.
{ وكل شيء } من صور أعمالهم وهيئات عقائدهم ضبطناه ضبطاً بالكتابة عليهم في صحائف نفوسهم وصحائف النفوس السماوية.
{ فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذاباً } أي: بسببها ذوقوا عذاباً يوازيها لا مزيد عليه فإنها بعينها معذبة لكم دون ما عداها. والمعنى: فذوقوا عذابها فإننا لن نزيدكم عليها شيئاً إلا التعذيب بها الذي ذهلتهم عنه.