التفاسير

< >
عرض

فَإِذَا جَآءَتِ ٱلطَّآمَّةُ ٱلْكُبْرَىٰ
٣٤
يَوْمَ يَتَذَكَّرُ ٱلإِنسَانُ مَا سَعَىٰ
٣٥
وَبُرِّزَتِ ٱلْجَحِيمُ لِمَن يَرَىٰ
٣٦
فَأَمَّا مَن طَغَىٰ
٣٧
وَآثَرَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا
٣٨
فَإِنَّ ٱلْجَحِيمَ هِيَ ٱلْمَأْوَىٰ
٣٩
وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى ٱلنَّفْسَ عَنِ ٱلْهَوَىٰ
٤٠
فَإِنَّ ٱلْجَنَّةَ هِيَ ٱلْمَأْوَىٰ
٤١
يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَٰهَا
٤٢
فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَٰهَا
٤٣
إِلَىٰ رَبِّكَ مُنتَهَٰهَآ
٤٤
إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَٰهَا
٤٥
كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَٰهَا
٤٦
-النازعات

تفسير القرآن

{ فإذا جاءت الطامّة الكبرى } أي: تجلى نور الوحدة الذاتية الذي يطمّ على كل شيء فيطمسه ويمحوه.
{ يوم يتذكر الإنسان } سعيه في الأطوار من مبدأ فطرته إلى فنائه وسلوكه في المقامات والدرجات حتى وصل إلى ما وصل فيشكره.
{ وبرزت الجحيم } أي: نار الطبيعة الآثارية { لمن يرى } ممن بصر بنور الله وبرز من الحجاب لله دون العمي المحجوبين الذين يحترقون بناره ولا يرونه، فيومئذ يصير الناس في شهوده قسمين. { فأما من طغا } أي: تعدّى طور الفطرة الإنسانية وجاوز حدّ العدالة والشريعة إلى الرتبة البهيمية أو السبعية وأفرط في تعدّيه { وآثر الحياة } الحسيّة على الحقيقية بمحبة اللذات السفلية { فإن الجحيم } مأواه ومرجعه.
{ وأما من خاف مقام ربّه } بالترقي إلى مقام القلب ومشاهدة قيوميته تعالى على نفسه { ونهى النفس } لخوف عقابه أو قهره { عن } هواها { فإنّ الجنّة } مأواه على حسب درجاته { إلى ربك منتهاها } أي: في أي شيء أنت من علمها، وذكرها إنما إلى ربك ينتهي علمها فإن من عرف القيامة هو الذي انمحى علمه أولاً بعلمه تعالى ثم فنيت ذاته في ذاته فكيف يعلمها ولا علم له ولا ذات، فمن أين أنت وغيرك من علمها بل لا يعلمها إلا الله وحده.
{ إنما أنت منذر من يخشاها } لإيمانه بها تقليداً { لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها } أي: وقت غروب نور الحق في الأجساد أو وقت طلوعه من مغربه، أي: وقت رؤيتهم القيامة بالفناء في الوحدة تيقنوا أن لم يكن لهم وجود قط إلاّ توهماً باللبث في عالم الأجسام والاحتجاب بالحس أو في عالم الأرواح والاحتجاب بالعقل وهما المراد بقول من قال: خطوتين وقد وصلت، أي: إذا جزت هذين الكونين فقد وصلت، والله أعلم.