التفاسير

< >
عرض

وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ ٱللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَمَا كَانُوۤاْ أَوْلِيَآءَهُ إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ ٱلْمُتَّقُونَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
٣٤
وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ ٱلْبَيْتِ إِلاَّ مُكَآءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ
٣٥
إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ
٣٦
لِيَمِيزَ ٱللَّهُ ٱلْخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ ٱلْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ
٣٧
قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الأَوَّلِينَ
٣٨
وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لله فَإِنِ انْتَهَوْاْ فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
٣٩
وَإِن تَوَلَّوْاْ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَوْلاَكُمْ نِعْمَ ٱلْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ ٱلنَّصِيرُ
٤٠
-الأنفال

تفسير القرآن

{ وما لهم ألا يعذبهم الله } أي: ليس عدم نزول العذاب لعدم استحقاقهم لذلك بحسب أنفسهم، بل إنهم مستحقون بذواتهم لصدورهم وصدّهم المستعدين عن مقام القلب وعدم بقاء الخيرية فيهم ولكن يمنعه وجودك ووجود المؤمنين المستغفرين معك فيهم. واعلم أن الوجود الإمكاني يتبع الخير الغالب، لأن الوجود الواجبي هو الخير المحض، فما رجح خيره على شره فهو موجود بوجوده بالمناسبة الخيرية، وإذا غلب الشرّ لم تبق المناسبة فلزم استئصاله وإعدامه فهم ما داموا على الصورة الاجتماعية كان الخير فيهم غالباً فلم يستحقوا الدمار بالعذاب. وأما إذا تفرّقوا ما بقي شرّهم إلا خالصاً فوجب تدميرهم كما وقع في وقعة بدر. ومن هذا يظهر تحقيق المعنى الثاني في قوله تعالى: { { وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً } [الأنفال، الآية: 25] لغلبة الشرّ على المجموع حينئذ، ولهذا قال أمير المؤمنين عليه السلام: "كان في الأرض أمانان، فرُفِعَ أحدهما وبقي الآخر. فأما الذي رُفِعَ فهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما الذي بقي فالاستغفار" وقرأ هذه الآية.
{ يصدّون عن المسجد الحرام } صورة لصدودهم وإعراضهم عن معناه الذي هو القلب بالركون إلى النفس وصفاتها، وصدّهم المستعدّين عنه بإغرائهم على الأمور النفسانية واللذّات الطبيعية.
{ وما كانوا أولياءه } لبعدهم عن الصفة وغلبة ظلمة النفس واستيلاء صفاتها عليهم، واحتجابهم عنه بالكفر المستفاد من الدين { إن أولياؤه إلاّ المتقون } الذين اتّقوا صفات النفس وأفعالها { ولكن أكثرهم لا يعلمون } أنّ البيت صورة القلب الذي هو بيت الله بالحقيقة فلا يستحق ولايته إلا أهل التقوى من الموحدين دون المشركين.