{ إذا السماء انشقت } كقوله: انفطرت { وأذنت لربّها } أي: انقادت لأمره بانفراجها عن الروح الإنساني انقياد السامع المطيع لآمره المطاع { وحقّت } أي: حقّ لها ووجب أن تنقاد لأمر القادر المطلق ولا تمتنع وهي حقيقة بذلك.
{ وإذا } أرض البدن { مدّت } وبسطت بنزع الروح عنها { وألقت ما فيها } من الروح والقوى { وتخلّت } تكلفت في الخلو عن كل ما فيها من الآثار والأعراض كالحياة والمزاج والتركيب والشكل بتبعية خلوها عن الروح.
{ إنك كادح إلى ربّك } ساعٍ مجتهد في الذهاب إليه بالموت، أي: تسير مع أنفاسك سريعاً كما قيل: أنفاسك خطاك إلى أجلك، أو مجتهد مجد في العمل خيراً أو شرّاً ذاهباً إلى ربّك { فملاقيه } ضررة، والضمير إمّا للربّ وإما للكدح.
{ فأما من أوتي كتابه بيمينه } بأن جعل من أصحاب اليمين في الصورة الإنسانية آخذاً كتاب نفسه أو بدنه بيمين عقله، قارئاً ما فيه من معاني العقل القرآني { فسوف يحاسب حساباً يسيراً } بأن تمحى سيئاته ويعفى عنه ويثاب بحسناته دفعة واحدة لبقاء فطرته على صفائها ونوريتها الأصلية { وينقلب إلى أهله } ممن يجانسة ويقارنه من أصحاب اليمين مسروراً فرحاً بصحتهم ومرافقتهم وبما أوتي من حظوظه.
{ وأما من أوتي كتابه وراء ظهره } أي: جهته التي تلي الظلمة من الروح الحيوانية بالجسد، فإن وجه الإنسان جهته التي إلى الحق وخلفه جهته التي إلى البدن الظلماني بأن ردّ إلى الظمات في صور الحيوانات.
{ فسوف يدعو ثبوراً } لكونه في ورطة هلاك الروح وعذاب البدن { ويصلى سعيراً } أي: سعير نار الآثار في مهاوي الطبيعة.
{ إنه كان في أهله مسروراً } أي: ذلك لأنه كان بطراً في أهله بالنعم محتجباً بها عن المنعم، ظانّاً أنه لن رجع إلى ربّه أو إلى الحياة بالبعث لاعتقاده أنه يحيا ويموت ولا يهلكه إلا الدهر.
{ بلى } ليحورنّ { إنّ ربّه كان به بصيراً } فيجازيه على حسب حاله.