التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَا
١٣
قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ
١٤
وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ
١٥
بَلْ تُؤْثِرُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا
١٦
وَٱلآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ
١٧
إِنَّ هَـٰذَا لَفِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ
١٨
صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ
١٩
-الأعلى

تفسير القرآن

{ ثم لا يموت فيها } لامتناع انعدامه { ولا يحيى } بالحقيقة لهلاكه الروحاني أي: يتعذب دائماً سرمداً في حالة يتمنى عندها الموت وكلما احترق وهلك أعيد إلى الحياة وعذب، فلا يكون ميتاً مطلقاً ولا حيّا مطلقاً.
{ قد أفلح من تزكّى } أي: فاز وظفر من تطهر عن صفات نفسه وظلمات بدنه بعد حصول استعداده { وذكر اسم ربّه } أي: الاسم الخاص الذي يربه به بإفاضة كماله الذي يسأل ربّه بلسان استعداده كالعليم للجاهل والهادي للضالّ والغفار للمذنب وهو في الحقيقة عين ذاته التي غفل هو عنها بحجاب الآثار والهيئات وصفات النفس وسائر الظلمات، كما قال تعالى:
{ نَسُواْ ٱللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ } [الحشر، الآية:19]. وذكره تعرفه وطلب كماله المخصوص به بالتأييد الرباني والتوفيق الإلهي { فصلى } فعبد معبوده الذي هو الحق المتلجي له في صورة ذلك الاسم الخاص الذي يعرف ربّه به بعد رؤيته بكماله المقدّر له.
{ بل تؤثرون الحياة الدنيا } أي: تغفلون وتحتجبون عن ذكر ذلك الاسم وصلاة الربّ بالحياة الحسية وطيباتها وزخارفها لعدم التزكية وتؤثرونها بالمحبة على الحياة الحقيقية الدائمة الروحانية وهي أفضل وأدوم.
{ إنّ هذا } المعنى من انتفاع المستعدّ بالتذكير وعدم انتفاع العديم الاستعداد وتعذّبه بالنار الكبرى وفلاح أهل التزكية والتحلية من المستعدّين وهلاك المؤثرين للحياة الحسيّة منهم { لفي الصحف } القديمة المنزّهة عن التبديل والتغيير المحفوظة عند الله من الألواح النورية المجرّدة التي اطلع عليها النبيان المذكوران ونزل عليهما الظهورعلى مظاهرها والسلام، والله أعلم.