التفاسير

< >
عرض

لاَ أُقْسِمُ بِهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ
١
وَأَنتَ حِلٌّ بِهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ
٢
وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ
٣
لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ فِي كَبَدٍ
٤
أَيَحْسَبُ أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ
٥
يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُّبَداً
٦
أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ
٧
-البلد

تفسير القرآن

أقسم بالبلد الحرام الذي هو البلد القدسي النازل به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الأفق الأعلى والوادي المقدّس { وأنت حل } مطلق { بهذا البلد } تفعل به ما تشاء غير مقيد بقيود صفات النفس والعادات { ووالد وما ولد } أي: روح القدس الذي هو الأب الحقيقي للنفوس الإنسانية كقول عيسى عليه السلام: "إني ذاهب إلى أبي وأبيكم السماوي"، وقوله: "تشبّهوا بأبيكم السماويّ ونفسك التي ولدها هو" أي: بروح القدس ونفسك الناطقة.
{ لقد خلقنا الإنسان في } مكابدة ومشقة من نفسه وهواه أو مرض باطن وفساد قلب وغلظ حجاب إذ الكبد في اللغة غلظ الكبد الذي هو مبدأ القوة الطبيعية وفساده وحجاب القلب وفساده من هذه القوة فاستعير غلظ الكبد لغلظ حجاب القلب ومرض الجهل.
{ أيحسب } لغلظ حجابه ومرض قلبه لاحتجابه بالطبيعة { أن لن يقدر عليه أحد * يقول أهلكت مالاً لبداً } كثيراً، أي: في المكارم للافتخار والمباهاة كقول العرب: خسرت عليه كذا، إذا أنفق عليه يتفضل على الناس بالتبذير والإسراف ويحسبه فضيلة لاحتجابه عن الفضيلة وجهله ولهذا قال: { أيحسب أن لم يره أحد } أي: أيحسب أن لم يطلع الله تعالى على باطنه ونيته حين ينفق ماله في السمعة والرياء والمباهاة لا على ما ينبغي في مراضي الله وهي رذيلة على رذيلة فكيف تكون فضيلة.