التفاسير

< >
عرض

وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ ٱلأُولَىٰ
٤
وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ
٥
أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَىٰ
٦
وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فَهَدَىٰ
٧
وَوَجَدَكَ عَآئِلاً فَأَغْنَىٰ
٨
فَأَمَّا ٱلْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ
٩
وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ فَلاَ تَنْهَرْ
١٠
وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ
١١
-الضحى

تفسير القرآن

{ وللآخرة } أي: وللحالة الآخرة التي هي التجلي بعد الاحتجاب واشتداد الشوق { خير لك من } الحالة { الأولى } لأمنك في الحالة الثانية عن التلوين بوجود البقية ظهور الأنائية { ولسوف يعطيك ربّك } الوجود الحقاني لهداية الخلق والدعوة إلى الحق بعد هذا الفناء الصرف { فترضى } به حيث ما رضيت بالوجود البشري والرضا لا يكون إلا حال الوجود.
{ ألم يجدك يتيماً } منفرداً محجوباً بصفات النفس عن نور أبيك الحقيقي الذي هو روح القدس منقطعاً عنه ضائعاً { فآوى } أي: فآواك إلى جنابه وربّاك في حجر تربيته وتأديبه وكفلك أباك ليعلمك ويزكيك { ووجدك ضالاً } عن التوحيد الذاتي عند كونك في عالم أبيك محتجباً بالصفات عن الذات فهداك بنفسه إلى عين الذات { ووجدك عائلاً } فقيراً عديماً فانياً فيه بالفقر الذي هو سواد الوجه في الدارين الذي هو الفناء المحض بعد الفقر الذي هو فخره أي: فناء الصفات كما قال: "الفقر فخري" فأغناك بما أعطاك من الوجود الموهوب الموصوف بصفات الكمال الحقانيّ المتخلق بالأخلاق الربانية، فإذا تم كمالك فتخلق بأخلاقي وافعل بعبادي ما فعلت بك لتكون عبداً شكوراً أي: قائماً بشكر نعمتي.
{ فأما اليتيم } أي: المنفرد المنكسر القلب، المنقطع عن نور القدس، المحتجب بحجاب النفس { فلا تقهر } والطف به بالمداراة والرفق وآوه إلى نفسك بالدعو بالحكمة والموعظة الحسنة كما آوتيك { وأمّا السائل } أي: المستعدّ المحجوب الضالّ عن طريق مقصده الطالب إياه { فلا تنهر } ولا تمنعه عن السؤال واهده كما هديتكم { وأما بنعمة ربّك } من العلم والحكمة الفائض عليك في مقام البقاء { فحدّث } بتعليم الناس وإغنائهم بالخير الحقيقي كما أغنيتك، والله تعالى أعلم.