التفاسير

< >
عرض

الۤر تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْحَكِيمِ
١
-يونس

روح البيان في تفسير القرآن

{ بسم الله الرحمن الرحيم * الر } الظاهران { الر } اسم للسورة وانه في محل الرفع على انه مبتدأ حذف خبره او خبر مبتدأ محذوف اى الر هذه السورة او هذه السورة او هذه السورة الر اى مسماة بهذا الاسم ولله ان يسمى السور بما اراد. ورجحه المولىرحمه الله حيث قال وهو اظهر من الرفع على الابتداء لعدم سبق العلم بالتسمية بعد فحقها الاخبار بها لا جعلها عنوان الموضوع لتوقفه علىعلم المخاطب بالانتساب والاشارة اليها قبل جريان ذكرها لما انها باعتبار كونها على جناح الذكر وبصدده صارت في حكم الحاضر كما يقال هذا من اشترى فلان انتهى. يقول الفقير اعلم ان الحروف اجزاء الكلمات وهي اجزاء الجمل وهي اجزاء الآيات وهي اجزاء السور وهي اجزاء القرآن فالقرآن ينحل الى السور وهى الى الآيات وهى الى الجمل وهى الى الكلمات وهى الى الحروف وهي الى النقاط كما ان البحر يأول الى الانهار والجداول وهى الى القطرات فاصل الكل نقطة واحدة وانما جاء الكثرة من انبساط تلك النقطة وتفصلها. وقول اهل الظاهر في { الر } وامثاله تعديد على طريق التحدي لا يخلو عن ضعف اذ هذه الحروف المقطعة لها مدلولات صحيحة وهى زبدة علوم الصوفية المحققين. وقد ثبت ان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم اوتي علوم الاولين والآخرين. فمن علوم آدم وادريس عليهما السلام علم الحروف وانما ذمت الطائفة الحروفية لاخذهم بالاشارة ورفضهم العبارة وهتكهم حرمة الشريعة التي هي لباس الحقيقة كما ان اللفظ لباس المعنى والعبارة ظرف الاشارة والوجود مرآة الشهود وكل منهما منوط بالآخر والمنفرد باحدهما خارج عن دائرة المعرفة الآلهية فعلم هذه الحروف بلوازمها وحقائقها مفوض في الحقيقة الى الله والرسول وكمل الورثة ومنهم من ذهب الى جانب التأويل وقال كل حرف من الحروف المقطعة مأخوذ من اسم من اسمائه تعالى والاكتفاء ببعض الكلمة معهود في العربية كما قال الشاعر

قلت لها قفى فقالت ق

اى وقفت ولذا قال ابن عباس رضي الله عنهما معنى { الر } انا الله ارى. وعنه انه من حروف الرحمن وذلك انه اذا جمعت الر وحم ون انتظم حروف الرحمن.
وقال في التأويلات النجمية ان في قوله { الر } اشارتين. اشارة من الحق للحق والى عبده المصطفى وحبيبه المجتبى. واشارة من الحق لنبيه واليه عليه السلام فالاولى قسم منه تعالى يقول بآلائي عليك في الازل وانت في العدم وبلطفي معك في الوجود ورحمتي ورأفتي لك من الازل الى الابد والثانية قسم منه يقول بانسك معي حين خلقت روحك أول شيء خلقته فلم يكن معنا ثالث وبلبيك الذي اجبتنى به في العدم حين دعوتك للخروج منه فخاطبتك وقلت ياسين اى ياسيد قلت لبيك وسعديك. والخير كله بيديك. وبرجوعك منك الى حين قلت لنفسك ارجعي الى ربك { تلك } محله الرفع على انه مبتدأ خبره ما بعده وعلى تقدير كون الر مبتدأ فهو مبتدأ ثان وهي اشارة الى ما تضمنته هذه السورة من الآيات { آيات الكتاب الحكيم } اي آيات القرآن المشتمل على الحكم على ان يكون الحكيم بناء النسبة بمعنى ذى الحكم وذلك لان الله تعالى اودع فيه الحكم كلها فلا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين -حكى- ان الامام محمدارحمه الله غلب عليه الفقر مرة فجاء الى فقاعى يوما فقال ان اعطيتني شربة اعلمك مسألتين من الفقه. فقال الفقاعي لا حاجة الى المسألة

قيمت در كرانمايه جه داندد عوامحافظا كوهر يكد انه مده جز بخواص

فاتفق انه حلف ان لم يعط بنته جميع ما في الدنيا من الجهاز فامرأته طالق ثلاثا فرجع الى العلماء فافتوا بحنثه لما انه لا يمكن ذلك فجاء الى الامام محمد فقال الامام لما طلبت منك شربة كان في عزيمتى ان علمك هذه المسألة ومسألة اخرى فالآن لا اعلمها الا بعد اخذ الف دينار تعظيما لشان المسألة فدفعه اليه فقال لو دفعت الى البنت مصحفا كنت بارا في يمينك فسأله علماء عصره عن وجهه فاجاب بان الله تعالى قال { ولا رطب ولا يابس الى في كتاب مبين } فوقع هذا الجواب عندهم في حيز القبول

علم دريست نيك باقيمت جهل درديست سخت بى درمان

وفي التأويلات هذه الآيات المنزلة عليك آيات الكتاب الحكيم الذي وعدتك في الازل واورثته لك ولامتك وقلت { { ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا } فاختص هذا الكتاب بان يكون حكيما من سائر الكتب اى حاكما يحكم على الكتب كلها بتبديل الشرائع والنسخ ولا يحكم عليه كتاب ابدا واختص هذه الامة بالاصطفاء من سائر الامم واورثهم هذا الكتاب ومعنى الوراثة انه يكون باقيا في هذه الامة يرثه بعضهم من بعض ولا ينسخه كتاب كما نسخ هو جميع الكتب.