التفاسير

< >
عرض

فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ
٧٢
-يونس

روح البيان في تفسير القرآن

{ فان توليتم } اى ان اعرضتم عن نصيحتى وتذكيري ودمتم عليه وجواب الشرط محذوف اى فلا باعث لكم على التولى ولا موجب وقوله تعالى { فما سألتكم } بمقابلة وعظى وتذكيرى علة له { من اجر } اى شيء من حطام الدنيا تؤدونه الى حتى يؤدى ذلك الى توليكم اما لثقله عليكم او لكونه سببا لاتهامكم اياى بان تقولوا انما يعظنا ويذكرنا طمعا لنيل الاجر والمال قبلنا { ان اجرى الا على الله } اى ما ثوابى على العظة والتذكير الا عليه يثيبنى به آمنتم او توليتم { وامرت ان اكون من المسليمن } ممن اسلم وجهه لله فلا يأخذ على تعليم الدين شيئا. وايضا ان المتعين لخدمة لا يجوز له ان يأخذ عليها اجرة والانبياء والاولياء متعينون لخدمة الارشاد ومن علم بالحسبة ولم يأخذ له عوضا فقد عمل عمل الانبياء عليهم السلام. وقد جوز المتأخرون اخذ الاجرة على التعليم والتأذين والامامة والخطابة وغير ذلك لكن ينبغى للآخذ اخلاص النية فى عمله والا فقد جاء الوعيد: قال السعدى

زيان ميكند مرد تفسير دان كه علم وادب ميفروشدبنان
بدين اى فرومايه دينى مخر جوخر بانجيل عيسى مخر

واعلم ان المعلم الناصح اذا رغب فى اصلاحك واصلاح غيرك حتى يودّ لو ان الناس كلهم صلحوا على يديه فانما يرغب فى ذلك ليكثر اتباع محمد صلى الله تعالى عليه وسلم لما سمعه يقول "انى مكاثر بكم الامم" وهذا مقام رفيع لغناه عن عظة فى ارشاده وانما غرضه اقامة جاه محمد وتعظيمه كما يحكى ان رابعة العدوية كانت تصلى فى اليوم والليلة الف ركعة وتقول ما اريد بها ثوابا ولكن ليسر بها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ويقول للانبياء انظروا الى امرأة من امتى هذا عملها فى اليوم والليلة فاذا تعلقت نية المعلم والعامل بهذا يجازيهما الله على ذلك من حيث المقام