التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ
٦
-العاديات

روح البيان في تفسير القرآن

{ ان الانسان لربه لكنود } جواب القسم يقال كند النعمة كنودا كفر بها فالكنود بالضم كفران النعمة وبالفتح الكفور ومنه سمى كندة بالكسر وهو لقب ثور بن عفيرابى حى من اليمن لأنه كند ابوه النعمة ففارقه ولحق باخواله وقال الكلبى الكنود بلسان كندة العاصى وبلسان بنى مالك البخيل وبلسان مضر وربيعة الكفور والمراد بالانسان بعض افراده اى انه لنعمة ربه خصوصا لكفور اى شديد الكفران فقوله لربه متعلق بكنود قدم عليه لافادة التخصيص ومراعاة الفواصل روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث الى ناس من بنى كنانة سرية واستعمل عليها المنذر بن عمرو الانصارى رضى الله عنه وكان احد النقباء فابطأ عليه صلى الله عليه وسلم خبرها شهرا فقال "المنافقون انهم قتلوا" فنزلت السورة اخبارا للنبى عليه السلام بسلامتها وأشارة له باغارتها على القوم ونعيا على المرجفين فى حقهم ما هم فيه من الكنود فاللام فى العاديات ان كانت للعهد كان المقسم به خيل تلك السرية وان كانت للجنس كان ذلك قسما بكل خيل عدت فى سبيل الله واتصفت بالصفات المذكورة وعلى التقديرين فهى مستحقة لأن يقسم بها لاتصافها بتلك الصفات الشريفة وفى تخصيص خيل الغزاة بالاقسام بها من البراعة ما لا مزيد عليه كأنه قيل وخيل الغزاة التى فعلت كيت وكيت وقد ارجف هؤلاء فى حق اربابها ما ارجفوا انهم مبالغون فى الكفران واذا كان شرف خيل الغزاة بهذه المرتبة حتى اقسم الله بها فما ظنك بشرف الغزاة وفضلهم عند الله تعالى وعنه عليه السلام "الكنود هو الذى يضرب عبده ويأكل وحده ويمنع رفده" اى عطاه فيكون بخيلا يقال كان ثلاثة نفر من العرب فى عصر واحد احدهم آية فى السخاء وهو حاتم الطائى والثانى آية فى البخل وهو ابو حباحب وبخله انه كان لا يوقد النار للخبز الا اذا نام الناس فاذا انتبهوا اطفأ ناره لئلا ينتفع بها احد والثالث آية فى الطمع وهو اشعب بن جبير مولى لمصعب بن الزبير بن العوام قرأ صبى فى المكتب وعنده اشعب جالس ان ابى يدعوك فقام وليس نعليه فقال الصبى انا اقرأ حزبى وكان اذا رأى انسانا يحك عنقه يظن أنه ينتزع قميصه ليدفعه اليه وكان اذا رأى دخانا ارتفع من دار ظن أن اهلها تأتى بطعام وكان اذا رأى عروسا تزف الى موضع جعل يكنس باب داره لكى تدخل داره قال ما رأيت اطمع منى الا كلبا تبعنى على مضغ العلك فرسخا وقال الحسن لكنود اى لوام لربه يذكر المصيبات وينسى النعم وقال ابوعبيدة قليل الخير من الارض الكنود التى لا تنبت شيأ كأنه مقلوب النكد وقال القاشانى لكفور لربه باحتجابه بنعمه عنه ووقوفه معها وعدم استعماله لها فيما ينبغى ليتوصل بها اليه وفى التأويلات النجمية لكنود بنعمة الوجود والصفات والاسماء لادعائها لنفسه بالاستقلال والاستبداد او لعاص باستعمالها فى غير محالها او لبخيل لاختصاصها لنفسه وعدم ايثارها على الخلق بطرق الارشاد.