التفاسير

< >
عرض

فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ
٩
-القارعة

روح البيان في تفسير القرآن

{ فامه } اى مأواه { هاوية } هى من اسماء النار سميت بها لغاية عمقها وبعد مهواها روى ان أهل النار يهوى فيها سبعين خريفا (وقال الكاشفى) وآن دركه باشد زير ترين همه دركها وعبر عن المأوى بالام لأن اهلها يأوون اليها كما يأوى الولد الى امه وفيه تهكم به او لانها تحيط به احاطة رحم الام بالولد أو لان الام هى الاصل والكافر خلق من النار وكل شئ يرجع الى اصله وهو اللائح وفى الكشاف من قولهم اذا دعوا على الرجل بالهلكة هوت امه لانه اذا هوى اى سقط وهلك فقد هوت امه ثكلا وحزنا فكأنه قيل فقد هلك وعن قتادة فام رأسه هاوية فى جهنم لانه يطرح فيها منكوسا وام الرأس الدماغ او الجلدة الرقيقة التى عليها وفى التأويلات النجمية واما من خفت موازينه بالاخلاق السيئة والاوصاف القبيحة الخبيثة فاصله المجبول عليه هاوية الحجاب من الازل الى الابد وهى نار حامية بنار الجهل والعمى وحطب النفس والهوى ونفخ الشيطان والدنيا وفى لفظ الثقل والخفة اشارة الى ان السعدآء والاشقياء مشتركون فى فعل السيئة وان كانت فى الفريق الاول مرجوحة قليلة وفى الثانى راجحة كثيرة ولا يرتفع هذا الابتلاء ولذا قال عليه السلام لعلى رضى الله عنه "يا على اذا عملت سيئة فاعمل بجنبها حسنة" وذلك لما انه مقتضى الاسم الغفور.
اعلم ان ميزان الحق بخلاف ميزان الخلق اذ صعود الموزونات وارتفاعها فيه هو الثقل وهبوطها وانحطاطها هو الخفة لان ميزانه تعالى هو العدل والموزونات الثقيلة اى المعتبرة الراجحة عند الله التى لها قدر ووزن عنده هى الباقيات الصالحات والخفيفة التى لا اعتبار لها عند الله هى الفانيات الفاسدات من اللذات الحسية والشهوات وفى الهاوية اشارة الى هاوية الطبيعة الجسمانية التى يهوى فيها اهلها وفى الحقيقة الموزونات هى الاستعدادات الغيبية والقابليات العلمية الازلية المسواة كفتاها بكف اليد اليمنى وبكف اليد اليسرى.