التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ
٨
-التكاثر

روح البيان في تفسير القرآن

{ ثم لتسألن يومئذ عن النعيم } قال فى التيسير كلمة ثم للترتيب فى الاخبار لا فى الوجود فان السؤال بانك اشكرت فى تلك النعمة ام كفرت يكون فى موقف الحساب قبل دخول النار والمعنى ثم لتسألن يوم رؤية الجحيم وورودها عن النعيم الذى ألهاكم الالتذاذ به عن الدين وتكاليفه فتعذبون على ترك الشكر فان الخطاب فى لتسألن مخصوص ممن عكف همته على استيفاء اللذات ولم يعش الا ليأكل الطيب ويلبس اللين ويقطع اوقاته باللهو والطرب لا يعبأ بالعلم والعمل ولا يحمل على نفسه مشاقهما فان من تمتع بنعمة الله وتقوى بها على طاعته وكان ناهضا بالشكر فهو من ذلك بمنزل بعيد واليه اشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما اكل هو واصحابه تمرا وشربوا ماء فقال الحمد لله الذى اطعمنا وسقانا كما فى الكشاف فدخلت فى الآية كفار مكة ومن لحق بهم فى وصفهم من فسقة المؤمنين وقيل الآية مخصوصة بالكفار وقال بعضهم المراد بالنعيم هو الصحة والفراغ وفى الحديث "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ" وفى هذا الحديث دلالة على عظم محل هاتين النعمتين وجلالة خطرهما وذلك لان بهما يستدرك مصالح الدنيا ويكتسب دوجات الآخرة فان الصحة تنبئ عن اجتماع القوى الذاتية والفراغ يدل على انتظام الاسباب الخارجة المنفصلة ولا قدرة على تمهيد مصلحة من مصالح الدنيا والآخرة الا بهذين الامرين ثم سائر النعم يعد من توابعهما وقد قال معاوية بن قرة شدة الحساب القيامة على الصحيح الفارغ يقال له كيف أدجيت شكرهما وعن الحسنرحمه الله ما سوى كن يؤويه وثوب يواريه وكسرة تقويه يسأل عنه ويحاسب عليه وقال بعض السلف من اكل فسمى وفرغ فحمد لم يسأل عن نعيم ذلك الطعام وقال رجل للحسنرحمه الله ان لنا جارا لا يأكل الفالوذج ويقول لا أقوم بشكره فقال ما أجهل جاركم نعمة الله عليه بالماء البارد اكثر من نعمته بجميع الحلاوى ولذلك قال عليه السلام "اول ما يسأل العبد عنه من النعيم ألم نصح جسمك ونروك من الماء البارد" وفى عين المعانى عن النعم الخمس شبع البطون وبرد الشراب ولذة النوم وظلال المساكن واعتدال الخلق وقال ابن كعب النعيم ذات محمد صلى الله عليه وسلم اذ هو الرحمة والنعمة بالآيتين وهما قوله تعالى يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها وقوله تعالى وما أرسلناك الا رحمة للعالمين. وهمه را ازدعوت وملت واتباع سنت اوخواهند برسيد

جه نعمتيست بزرك ازخدا كه برثقلين سبس دارئ ابن نعمت است فرض العين

يقول الفقير النعيم اما نعيم جسمانى وشكره بمحافظة احكام الشريعة واما نعيم روحانى وشكره بمراعاة آداب الطريقة فانه كلما ازد ادت المحافظة والمراعاة ازداد النعيم كما قال تعالى { لئن شكرتم لأزيدنكم } وما من عضو من الاعضاء وقوة من القوى الا وهى مطلوبة بنوع شكر ولذلك قال تعالى { ان السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسؤلا } على ان عالم الصفات والاسماء كلها عالم النعيم وفقنا الله واياكم لشكر النعيم انه هو البر الرحيم وفى الحديث "الا يستطيع احدكم ان يقرأ الف آية فى كل يوم" قالوا ومن يستطيع ان يقرأ الف آية فى كل يوم قال "اما يستطيع احدكم ان يقرأ الهاكم التكاثر مرة" على ما قال السيوطىرحمه الله فى الاتقان ان القرءآن ستة آلاف آية ومائتا آية فاذا تركنا زيادة الآلاف كان الألف سدس القرءآن وهذه السورة تشتمل على سدس مقاصد القرءآن فانها على ما ذكره الغزالىرحمه الله ثلاث مقاصد مهمة وثلاثة متمة واحد المقاصد المهمة معرفة الآخرة المشتمل عليها السورة والتعبير عن هذا المعنى بألف آية افهم واجل واصح من التعبير بالسدس انتهى.
يقول الفقير هذا منتقض بسورة الزلزلة فانها ايضا تشتمل على احكام الآخرة ومعرفتها وقد سبق انها تعدل نصف القرءآن او ربعه والظاهر ان المراد بالالف التكثير لان اول السورة مما ينبئ عنه ومن الله التوفيق والارشاد.