التفاسير

< >
عرض

إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلْحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِٱلصَّبْرِ
٣
-العصر

روح البيان في تفسير القرآن

{ الا الذين آمنوا } بالله الايمان العلمى اليقينى وعرفوا أن لا مؤثر بالحقيقة الا الله وبرزوا عن احجاب الدهر { وعملوا الصالحات } اى اكتسبو الفضائل والخيرات الباقية فربحوا بزيادة النور الكمال على النور الاستعدادى الذى هو رأس مالهم فانهم فى تجارة لن تبور حيث باعوا الفانى الخسيس واشتروا الباقى النفيس واستبدلوا الباقيات الصالحات بالغاديات الرائحات فيا لها من صفقة ما اربحها وهذا بيان لتكميلهم لانفسهم واستدل بعض الطوآئف بالآية على أن مرتكب الكبيرة مخلد لأنه لم يستثن من الخسران الا الذين آمنوا الخ والتقصى منه ان غير المستثنى فى خسر لا محالة اما بالخلود ان مات كافرا واما بالدخول فى النار ان مات عاصيا لم يغفر له واما بفوات الدرجات العالية ان غفر { وتواصوا بالحق } الخ بيان لتكميلهم لغيرهم اى وصى بعضهم بعضا بالامر الثابت الذى لا سبيل الى انكاره ولا زوال فى الدارين لمحاسن آثاره وهو الخير كله من الايمان بالله واتباع كتبه ورسله فى كل عقد وعمل { وتواصوا بالصبر } اى عن المعاصى التى تشتاق اليها النفس بحكم الجبلة البشرية وعلى الطاعات التى يشق عليها ادآؤها وعلى ما يبلوا الله به عباده وتخصيص هذا التواصى بالذكر مع اندراجه تحت التواصى بالحق لابراز كمال الاعتناء به او لأن الاول عبارة عن رتبة العبادة التى هى فعل ما يرضى به الله تعالى والثانى عن رتبة العبودية التى هى الرضى بما فعل الله فان المراد بالصبر ليس مجرد حبس النفس عما تشوق اليه من فعل او ترك بل هو تلقى ما ورد منه تعالى بالجميل والرضى به ظاهرا وباطنا ولعله سبحانه انما ذكر سبب الربح دون الخسران اكتفاء ببيان المقصود فان المقصود بيان ما فيه الفوز بالحياة الابدية والسعادة السرمدية واشعارا بان ما عدا ما عد يؤدى الى خسر ونقص حظ او تكرما فان الابهام فى جانب الخسر كرم لأنه ترك تعداد مثالهم والاعراض عن مواجهتهم به وروى عنه عليه السلام انه قال "اقسم ربكم بآخر النهار أن ابا جهل لفى خسر" { الا الذين آمنوا } اى ابا بكر رضى الله عنه { وعملوا الصالحات } اى عمر رضى الله عنه { وتواصوا بالحق } اى عثمان رضى الله عنه { وتواصوا بالصبر } اى عليا رضى الله عنه فسرها بذلك على بن عبد الله بن عباس رضى الله عنهم على المنبر فيكون تكرير وتواصوا لاختلاف الفاعلين واما على الاول فلاختلاف المفعولين وهما قوله بالحق وبالصبر روى عن الشافعىرحمه الله أنها سورة لو لم ينزل الى الناس الا هى لكفتهم وهو معنى قول غيره انها شملت جميع علوم القرءان.
تمت سورة العصر فى خامس جمادى الاولى من سنة سبع عشرة ومائة وألف.