التفاسير

< >
عرض

إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلأَبْتَرُ
٣
-الكوثر

روح البيان في تفسير القرآن

{ ان شانئك } يقال شنأه كمنعه وسمعه شنأ ابغضه اى مبغضك { هو } للفصل { الأبتر } لبغضه لك لان نسبة امر الى المشتق تفيد عليه المأخذ والبغض ضد الحب والبتر يستعمل فى قطع الذنب ثم اجرى قطع العقب مجراه فقيل فلان ابتر اذا لم يكن له عقب يخلفه والمعنى هو الذى لا عقل له حيث لا يبقى له نسل ولا حسن ذكر واما انت فتبقى ذريتك وحسن صيتك وآثار فضلك الى يوم القيامة

آثار افتدار توتا حشر متصل خصم سياه روى توبى حاصل وخجل

ولك فى الآخرة ما لا يندرج تحت البيان وذلك انهم زعموا حين مات ابنه عليه السلام القاسم وعبد الله بمكة ابراهيم بالمدينة ان محمدا صلى الله عليه وسلم ينقطع ذكره اذا انقطع عمره لفقدان نسله فنبه الله ان الذى ينقطع ذكره هو الذى يشنأه فاما هو فكما وصفه الله تعالى ورفعنا لك ذكرك وذلك انه اعطاه نسلا يبقون على مر الزمان فانظركم قتل من أهل البيت ثم العالم ممتلئ منهم وجعله ابا للمؤمنين فهم اعقابه واولاده الى يوم القيامة وقيض له من يراعيه ويراعى دينه الحق والى هذا المعنى اشار امير المؤمنين رضى الله عنه العلماء باقون ما بقى الدهر اعيانهم مفقودة وآثارهم فى القلوب موجودة هذا فى العلماء الذين هم اتباعه عليه السلام فكيف هو وقد رفع الله ذكره وجعله خاتم الانبياء عليهم السلام وفى التاويلات النجمية ان شانئك هو الابتر وهو حمار النفس المبتور ذنب نسله وعقبه فان اولاد الاعمال الصالحة والاحوال الصادقة والاخلاق الروحانية والاوصاف الربانية اولادك يا رسول القلب واتباعك واشياعك واعوانك.
يقول الفقير أيده الله القدير وردت على سورة الكوثر وقت الضحى بعد القيلولة والاشارة فيها انا بجميع اسماءنا اللطفية الجمالية الاكرامية اعطيناك يا محمد القلب ورسول الهدى المبعوث الى جميع القوى بالخير والهدى الكوثر وهو العلم الكثير الفائض من منبع الاسم الرحمن فانا رحمناك بهذه الرحمة العامة الشاملة لجميع الرحمات فلذا صرت مظهر الرحمة الكلية فى جميع المواطن فلك علم الاحكام وعلم الحقائق فصل فى مسجد الفناء والتسليم وهو المسجد الابراهيمى لربك اى لشكر ربك ولادامة شهوده وابقاء حضوره معك فى جميع الحالات وانحر بدنة البدن فى طريق الخدمة وبدنة الطبيعة فى طريق العفة وبدنة النفس فى طريق الفتوة ان شانئك اى مبغضك من القوى الشريرة الانفسية والآفاقية هو الابتر المقطوع اعقابه وآخره كما قال تعالى
{ فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين } الذى ربى اولياءه فجعل لهم الوصل كما جعل لاعدآئهم القطع ثم ان قوله هو الابتر يوقف عليه ثم يقال الله اكبر ولا يوصل بالتكبير حذرا من الايهام.