التفاسير

< >
عرض

فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ ٱلْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْفَسَادِ فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَآ أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ
١١٦
-هود

روح البيان في تفسير القرآن

{ فلولا كان } لولا بمعنى هلا وكان بمعنى وجد. والمعنى بالفارسية [بس جرا نبود] { من القرون } الهالكة الكائنة { من قبلكم } على رأى من جوز حذف الموصول مع بعض صلته او كائنة من قبلكم على ان يكون حالا وكل اهل عصر قرن لمن بعدهم لانهم يتقدمونهم.
قال فى القاموس القرن مائة سنة وهو الاصح
"لقوله عليه السلام لغلام عش قرنا فعاش مائة سنة" وكل امة هلكت فلم يبق منها احد { اولوا بقية } اصحاب فضل وخير وسمى الفضل والجودة بقية على ان يكون الهاء للنقل كالذبيحة لان الرجل انما يستبقى مما يكسبه عادة اجوده وافضله فصار مثلا فى الجودة والفضل يقال فلان من بقية القوم اى من خيارهم ومنه ما قيل فى الزوايا خبايا وفى الرجال بقايا { ينهون } المفسدين نعت لاولوا { عن الفساد فى الارض } الواقع منهم حسبما حكى عنهم ومعناه جحد اى لم يكن فيهم اولوا بقية ينهون حتى لا ينزل العذاب بهم { الا قليلا ممن انجينا منهم } استثناء منقطع اى لكن قليلا ممن انجينا من القرون نهوا عن الفساد وهم اتباع الانبياء وسائرهم تاركوا النهى. ومن فى ممن للبيان لا للتبعيض لان جميع الناجين ناهون { واتبع الذين ظلموا } عطف على مضمر دل عليه الكلام اى لم ينهوا عن الفساد واتبع الذين ظلموا بمباشرة الفساد وترك النهى عنه فيكون العدول الى المظهر لادراج المباشرين معهم فى الحكم والتسجيل عليهم بالظلم وللاشعار بعلية ذلك لما حاق بهم من العذاب { ما اترفوا فيه } الاتراف الانعام من الترف وهو النعمة اى انعموا فيه من الشهوات واللذات وآثروها على امر الآخرة. ويقال اترفته النعمة اى اطغته. فالمعنى ما اطغوا فيه على ان يكون فيه للسببية والمراد هو الاموال والاملاك قال الله تعالى { { ان الانسان ليطغى ان رآه استغنى } يعنى اهتموا بكسبها وبذلوا وسعهم فى تحصيلها وجمعها واعرضوا عما وراءها. اما المباشرون فظاهر. واما المتساهلون فلما فى ذلك من نيل حظوظهم الفاسدة { وكانوا مجرمين } عطف على اتبع وهذا بيان لسبب استئصال الامم المهلكة وهو ترك الامر بالمعروف والنهى عن المنكر واتباع الشهوات وفى الحديث "ان الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على ان ينكروا فلا ينكرون فاذا فعلوا ذلك عذب الله العامة والخاصة فكل قوم لم يكن فيهم آمر بالمعروف وناه عن المنكر من ارباب الصدق وهم مجتمعون على الفساد اولا يأتمرون بالامر بالمعروف ولا ينتهون بالنهى عن المنكر فانهم هالكون" : قال السعدى

كرت نهى منكر برآيد ز دست نشايد جو بى دست وبابان نشست
بكو آنجه دانى سخن سودمند وكر هيج كس را نيايد بسند
جو دست وزبانرا نماند مجال بهمت نمايند مردى رجال