التفاسير

< >
عرض

وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيۤءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ
٧٧
-هود

روح البيان في تفسير القرآن

{ ولما جاءت رسلنا لوطا سيئ بهم } [اندوهكين شد بديشان] وهو فعل مبنى للمفعول والقائم مقام الفاعل ضمير لوط من قولك ساءنى كذا اى حصل لى منه سوء وحزن وغم وبهم متعلق به اى بسببهم. والمعنى ساءه مجيئهم لا لانهم جاؤا مسافرين وهو لا يود الضيف وقراه فحاشى بيت النبوة عن ذلك بل لانهم جاؤا فى صورة غلمان حسان الوجوه فحسب انهم اناس فيخاف عليهم ان يقصدهم قومه فيعجز عن مقاومتهم ومدافعتهم.
وفيه اشارة الى عروض الهمّ والحزن له لهلاك قومه بالعذاب فانظر الى التفاوت بين ابراهيم ولوط وبين قومهما حيث كان مجيئهم لابراهيم للمسرة وللوط للمساءة مع تقديم المسرة لان رحمة الله سابقة على غضبه -وروى- ان الله تعالى قال لهم لا تهلكوهم حتى يشهد عليهم لوط اربع شهادات فلما اتوا اليه قال لهم أما ابلغكم امر هذه القرية قالوا وما امرها قال اشهد بالله انها لشر قرية فى الارض عملا يقول ذلك اربع مرات فدخلوا منزله ولم يعلم بذلك احد فاذاع خبرهم امرأته الكافرة كما ستقف عليه { وضاق بهم ذرعا } [وتنك دل شد بجهت ايشان] وذرعا نصب على التمييز اى ضاق بمكانهم صدره او قلبه او وسعه وطاقته وهو كناية عن شدة الانقباض للعجز عن مدافعة المكروه والاحتيال فيه يقال ضاق ذرع فلان بكذا اذا وقع فى مكروه ولا يطيق الخروج منه. وفى الاخترى ضاق به ذرعا اى طاقة وضاق بالامر اى لم يطقه ولم يقو عليه وكان مد اليه يده فلم تنله. قال الازهرى الذرع يوضع موضع الطاقة والاصل فيه البعير يذرع بيديه فى سيره ذرعا على قدر سعة خطوته فاذا حمل عليه اكثر من طاقته ضاق ذرعه عن ذلك فضعف ومد عنقه وجعل ضيق الذرع عبارة عن قلة الوسع والطاقة فيقال مالى به ذرع ولا ذراع اى مالى به طاقة { وقال هذا يوم عصيب } اى شديد علىّ وهو لغة جرهم كما فى ربيع الابرار ثم قال لوط لامرأته ويحك قومى اخبزى ولا تعلمى احدا وكانت امرأته كافرة منافقة فانطلقت لطلب بعض حاجاتها فجعلت لا تدخل على احد الا اخبرته وقالت ان فى بيت لوط رجالا ما رأيت احسن وجوها منهم ولا انظف ثيابا ولا اطيب رائحة فلما علموا بذلك جاؤا الى باب لوط مسرعين