التفاسير

< >
عرض

تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ
١
-المسد

روح البيان في تفسير القرآن

{ تبت } اى اهلكت فان التباب الهلاك ومنه قولهم أشابة ام تابة اى هالكة من الهرم والعجز او خسرت فان التباب ايضا خسران يؤدى الى الهلاك { يدا ابى لهب } تثنية يد واللهب واللهيب اشتعال النار اذا خلص من الدخان او لهبها لسانها ولهيبها حرها ابو لهب وتسكن الهاء كنية عبد العز بن عبد المطلب لجماله او لماله كما فى القاموس يعنى ان التكنى لاشراق وجنتيه وتلهبهما والا فليس له ابن يسمى باللهب وايثار التباب على الهلاك واسناده الى يديه لما روى انه لما نزل وأنذر عشيرتك الاقربين رقى رسول الله عليه السلام الصفاء وجمع اقاربه فأنذرهم فقال "فقال يا بنى عبد المطلب يا بنى فهر ان اخبرتكم ان بسفح هذا الجبل خيلا اكنتم مصدقى" قالوا نعم يعنى اكرمن شمارا خبر كنم بآنكه در باى اين كوه جمعى آمده اند بداعبه آنكه بر شماشبيخون كرده دست بقتل وغارت بكشايند مرا دران تصديق ميكنيد بانه كفتند جرا نكنيم وتوبيش ما بدروغ عتهم نشده. قال "فانى نذير لكم بين يدى الساعة" فقال عمه ابو لهب تبا لك يعنى هلاكت باد. ألهذا دعوتنا واخذ حجرا بيده ليرميه عليه السلام به فمنعه الله من ذلك حيث لم يستطع ان يرميه فلا كناية فى ذكر اليدين ووجه وصف يديه بالهلاك ظاهر واما وصفهما بالخسران فلرد ما اعتقده من نفعه وربحه فى اذية رسول الله عليه السلام ورميه بالحجر وذكر فى التأويلات الما تريدية انه كان كثير الاحسان الى رسول الله عليه السلام وكان يقول ان كان الامر لمحمد فيكون لى عنده يد وان كان لقريش فلى عندها يد فاخبر أنها خسرت يده التى كانت عند محمد عليه السلام بعناده له ويده التى عند قريش ايضا لخسران قريش وهلاكهم فى يد محمد { وتب } اى وهلك كله فهو اخبار بعد اخبار والتعبير بالماضى لتحقق وقوعه وقيل المراد بالاولى هلاك جملته كقوله تعالى ولا تلقوا بايديكم الى التهلكة على ان ذكر اليد كناية عن النفس والجملة ومعنى وتب وكان ذلك وحصل ويؤيده قرآءة من قرأ وقد تب فان كلمة قد لا تدخل على الدعاء وقيل كلاهما دعاء عليه بالهلاك والمراد بيان استحقاقه لان يدعى عليه بالهلاك فان حقيقة الدعاء شأن العاجز وانما كناه والتكنية تكرمه لاشتهاره بكنيته فليست للتكريم او لكراهة ذكر اسمه القبيح اذ فيه اضافة الى الصنم او للتعريض بكونه جهنميا لانه سيصلى نارا ذات لهب يعنى ان ابا لهب باعتبار معناه الاضافى يصلح ان يكون كناية عن حاله وهىكونه جهنميا لان معناه باعتبار اضافته ملابس اللهب كما ان معنى ابو الخير واخو الحرب بذلك الاعتبار ملابس الخير والحرب واللهب الحقيقى لهب جهنم وهذا المعنى يلزمه انه جهنمى ففيه انتقال من الملزوم الى اللازم فهى كنية تفيد الذم فاندفع ما يقال هذا يخالف قولهم ولا يكنى كافر فاسق ومبتدع الا لخوف فتنة او تعريف لان ذلك خاص بالكنية التى تفيد المدح لا الذم ولم يشتهر بها صاحبها فى الاتقان ليس فى القرءآن من الكنى غير ابى لهب ولم يذكر اسمه وهو عبد العزى اى الصنم لانه حرام شرعا انتهى وفيه ان الحرام وضع ذلك لا استعماله وفى كلام بعضهم ما يفيدان الاستعمال حرام ايضا الا ان يشهر بذلك كما فى الاوصاف المنقصة كالاعمش وكان بعد نزول هذه السورة لا يشك المؤمن انه من أهل النار بخلاف غيره ولم يقل فى هذه السورة قل تبت الخ لئلا يكون مشافها لعمه بالشتم والتغليظ وان شتمه عمه لان للعم حرمة كحرمة الاب لانه مبعوث رحمة للعالمين وله خلق عظيم فاجاب الله عنه وقرئ ابو لهب بالواو كما قيل على بن ابو طالب ومعاوية بن ابو سفيان مع ان القياس الياء لكونه مضافا اليه كيلا يغير منه شئ فيشكل على السامع والحاصل ان الكنية بمنزلة العلم والاعلام لا تتغير فى شئ من الاحوال وكان لبعض امرآء مكة ابنان احدهما عبد الله بالجر والآخر عبد الله بالفتح.