التفاسير

< >
عرض

ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ
٢
لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ
٣
-الاخلاص

روح البيان في تفسير القرآن

{ الله الصمد } مبتدأ وخبر فعل بمعنى مفعول كقبض بمعنى مقبوض من صمد اليه من باب نصر اذا قصده اى هو السيد المصمود اليه فى الحوائج المستغنى بذاته وكل ما عداه محتاج اليه فى جميع جهاته فلا صمد فى الوجود سوى الله فهو مثل زيد الامير يفيد قصر الجنس على زيد فاذا كان هو الصمد فمن انتفت الصمدية عنه لا يستحق الالوهية وتعريفة لعلمه بصمديته بخلاف احديته وتكرير الاسم الجليل للاشعار بان من يتصف به فهو بمعزل عن استحقاق الالوهية كما اشير اليه آنفا وتعرية الجملة عن العاطف لانها كالنتيجة للاولى وبين اولا الوهيته المستتبعة لكافة نعوت الكمال ثم احديته الموجبة لتنزهه عن شائبة التعدد والتركب بوجه من الوجوه وتوهم المشاركة فى الحقيقة وخواصها ثم صمديته المقتضية لاستغنائه الذاتى عما سواه وافتقار جميع المخلوقات اليه فى وجودها وبقائها وسائر احوالها تحقيقا للحق وارشادا لهم الى سننه الواضح فاثبات الصمدية له سبحانه انما هو باعتبار استنادنا اليه فى الوجود والكمالات التابعة للوجود باعتبار احدية ذاته فهو غنى عن هذه الصفة والحاصل ان الصمدية تقتضى اعتبار كثرة الاسماء والصفات فى الله دون الاحدية وعبد الصمد هو مظهر الصمدية الذى يصمد اليه اى يقصد لدفع البليات وايصال امداد الخيرات ويستشفع به الى الله لدفع العذاب واعطاء الثواب وهو محل نظر الله الى العالم فى ربوبيته له.
يقول الفقير جرى على لسان الباطن بلا اختيار منى وذلك بعد الاشراق ان اقول ازلى ابدى احدى صمدى اى انت يا رب ازلى احدى وابدى صمدى فالازلية ناظرة الى الاحدية كما ان الابدية ناظرة الى الصمدية وذلك باعتبار التحليل والتعقيد فان الاحدية لا تتجلى الا بازالة الكثرات فعند الانتهاء الى مقام الغنى الذى هو الغيب المطلق تزول الكثرة ويكون الزوال ازلا وهذا تحليل وفناء وعبور عن المنازل وعروج الى المرصد الاعلى والمقصد الاقصى عينا وعلما واما الصمدية فباعتبار الابدية التى هى البقاء وذلك يقتضى التعقيد بعد التحليل فهى بالنزول الى مقام العين بالمهملة اى العين بالخارجى والعالم الشهادى الذى اسفل منازله عالم الناسوت والحاصل ان الاحدية جمع والصمدية فرق فمقام الاحدية هى النقطة الغير المنقسمة التى انبسطت منها جملة التراكيب الواحدية فاول تعيناتها هى مرتبة آدم ثم حوآء لان حوآء انما ظهرت بعد الهوآء المنبعث من تعين آدم الحقيقى ولذا انقلبت الهاء حاء فصار الهوآء حوآء وخاصية الاسم الاحد ظهور عالم القدرة وآثارها حتى لو ذكره ألفا فى خلوة على طهارة ظهرت له العجائب بحسب قوته وضعفه وخاصية الاسم الصمد حصول الخير والصلاح فمن قرأه عند السحر مائة وخمسا وعشرين مرة ظهرت عليه آثار الصدق والصديقية وفى اللمعة ذاكره لا يحس بألم الجوع ما دام ملتبسا بذكره والقرآءة وصلا احد الله الصمد منونا مكسور الالتقاء الساكنين وكان ابو عمر وفى اكثر الروايات يسكت عند هو الله احد وزعم ان العرب لا تصل مثل هذا وروى عنه انه قال وصلها قرآءة محدثة وروى عنه قال ادركت القرآء كذلك يقرأونها قل هو الله احد وان وصلت نونت وروى عنه انه قال احب الى اذا كان رأس آية ان يسكت عندها وذلك لان الآية منقطعة عما بعدها مكتفية بمعناها فهى فاصلة وبها سميت آية واما وقفهم كلهم فيسكتون على الدال ثم صرح ببعض احكام جزئية مندرجة تحت الاحكام السابقة فقيل { لم يلد } نزاد كسى را. تنصيصا على ابطال زعم المفترين فى حق الملائكة والمسيح ولذلك ورد النفى على صيغة الماضى من غير ان يقال لن يلد اولا يلد اى لم يصدر عنه ولد لانه لا يجانسه شئ ليمكن ان يكون له من جنسه صاحبة فيتوالد اولا يفتقر الى ما يعينه او يخلفه لاستحالة الحاجة والفناء عليه سبحانه فان قلت لم قال فى هذه السورة لم يلد وفى سورة بنى اسرائيل لم يتخذ ولدا اجيب أن النصارى فريقان منهم من قال عيسى ولد الله حقيقة فقوله لم يلد اشارة الى الرد عليه ومنهم من قال اتخذه ولدا تشريفا كما اتخذ ابراهيم خليلا تشريفا فقوله لم يتخذ ولدا اشارة الى الرد عليه { ولم يولد } نزاده شد ازكسى.
اى لم يصدر عن شئ لاستحالة نسبة العدم اليه سابقا اولا حقا وقال بعضهم الوالدية والمولودية لا تكونان الا بالمثلية فان المولود لا بد ان يكون مثل الوالد ولا مثلية بين هويته الواجبة وهوياتنا الممكنة انتهى وقال البقلى لم يلد ولم يولد اى لم يكن هو محل الحوادث ولا الحوادث محله والتصريح بأنه لم يولد مع كونهم معترفين بمضمونه لتقرير ما قبله وتحقيقه بالاشارة الى انهما متلازمان اذا المعهود ان ما يلد يولد ومالا فلا ومن قضية الاعتراف بأنه لم يولد الاعتراض بأنه لا يلد وفى كشف الاسرار قدم ذكر لم يلد لان من الكفار من ادعى ان له ولدا ولم يدع احد انه مولود (وفى التفسير الفارسى) لم يلد رد يهوداست كه كفتندعزير بسر اوست ولم يولد رد نصار است كه كويند عيسى خدا است. قال ابو الليث لم يلد يعنى لم يكن له ولد يرثه ولم يولد يعنى لم يكن له ولد يرث ملكه.