التفاسير

< >
عرض

وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ
٤
-الاخلاص

روح البيان في تفسير القرآن

{ ولم يكن له كفؤا احد } يقال هذا كفاؤه وكفؤه مثله وكافأ فلانا ماثله وله صلة لكفؤا قدمت عليه مع ان حقها التأخر عنه للاهتمام بها لان المقصود نفى المكافأة عن ذاته تعالى اى لم يكافئه احد ولم يماثله ولم يشاكله بل هو خالق الاكفاء ويجوز ان يكون من الكفاءة فى النكاح نفيا للصاحبة واما تأخير اسم كان فلمراعات الفواصل ولعل ربط الجمل الثلاث بالعاطف لان المراد منها نفى اقسام الامثال فهى جملة واحدة منبه عليها بالجمل قال القاشانى ما كانت هويته الاحدية غير قابلة للكثرة والانقسام ولم تكن مقارنة الوحدة الذاتية الغيرها اذ ما عدا الوجود المطلق ليس الا العدم المحض فلا يكائفه احد اذ لا يكافئ العدم الصرف الوجود المحض (وقال الكاشفى) رد مجوس ومشركان عربست كه كفتند اورا كفوهست نعوذ بالله وكفته اند هر آيتى ازين سورة تفسير آيت بيش است جون كويند من هو تو كويى احد جون كويند احد كيست توكيى صمد جون كويند صمد كيست توكويى الذى لم يلد ولم يولد جون كويند لم يلد ولم يولد كيست توكويى الذى لم يكن له كفؤا احد.
وقال بعضهم كاشف الوالهين بقوله هو وكاشف الموحدين بقوله الله وكاشف العارفين بقوله احد والعلماء بقوله الصمد والعقلاء بقوله لم يلد الخ وهو اى لم يلد اشارة الى توحيد العوام لانهم يستدلون على المصانع بالشواهد والدلائل وقال بعض الكبار ان سورة الاخلاص اشارة الى حال النزول وهو حال المجذوب فأولا بقول هو الله احد الله الصمد الخ وحال الصعود يعتبر من الآخر الى جانب هو فيقول اولا لم يكن له كفؤا احد ثم يترقى الى ان يقول هو لكن لا ينعى للسالك ان يكتفى بوجدان هو فى القرءآن بل ينبغى له ان يترقى الى القرءآن الفعلى فيشاهد هو فى القرءآن وهو محيط بالعوالم كلها وهو اول ما ينكشف للسالك ولاشتمال هذه السورة مع قصرها على جميع معارف الالهية والرد على من الحد فيها جاء فى الحديث
"انها تعدل ثلث القرءآن" فان مقاصده منحصرة فى بيان العقائد والاحكام والقصص ومن عدلها بكله اعتبر المقصود بالذات منه وهو علم المبدأ وصفاته اذ ما عداه ذرآئع اليه وقال عليه السلام "اسست السموات السبع والارضون السبع على قل هو الله احد" اى ما خلقت الالتكون دلائل على توحيد الله ومعرفة صفاته التى نطقت بها هذه السورة وعنه عليه السلام سمع رجلا يقرأ قل هو الله احد فقال "وجبت" فقيل وما وجبت يا رسول الله قال "وجبت له الجنة" وعن سهيل ابن سعد رضى الله عنه جاء رجل الى النبى عليه السلام وشكا اليه الفقر فقال اذا دخلت بيتك فسلم ان كان فيه احد وان لم يكن فيه احد فسلم على نفسك واقرأ قل هو الله احد مرة واحدة ففعل الرجل ذلك فأدر الله عليه رزقا حتى افاض على جيرانه وعن على رضى الله عنه انه قال من قرأ قل هو الله احد بعد صلاة الفجر احدى عشرة مرة لم يلحقه ذنب يومئذ ولو اجتهد الشيطان وفى الحديث "ايعجز احدكم ان يقرأ القرءآن فى ليلة واحدة فقيل يا رسول الله من يطيق ذلك قال ان يقرأ قل هو الله احد ثلاث مرات" وروى "انه نزل جبريل عليه السلام بتبوك فقال يا رسول الله ان معاوية بن المزنى رضى الله عنه مات فى المدينة أتحب ان اطوى لك الارض فتصلى عليه قال نعم فضرب بجناحة على الارض فرفع له سريره وصلى عليه وخلفه صفان من الملائكة كل صف سبعون الف ملك ثم رجع فقال عليه السلامبم ادرك هذا قال بحبه قل هو الله احد وقرآءته اياها جائيا وذاهبا وقائما وقاعدا وعلى كل حال" رواه الطبرانى وصحب سورة الاخلاص حين نزلت سبعون ألف ملك كلما مروا بأهل سماء سألوهم عما معهم فقالوا نسبة الرب سبحانه ولذا سميت هذه السورة نسب الرب كما فى كشف الاسرار وسميت سورة الاخلاص لاخلاص الله من الشرك او للخلاص من العذاب او خالصة فى التوحيد قال الامام الغزالىرحمه الله تعالى (غفر ربى وثيقتى بالخلاص. واعتصامى بسورة الاخلاص) او لانها سورة خالصة لله ليس فيها ذكر شئ من الدنيا والآخرة وقال الحنفى لانها تخلص قارئها من شدآئد الآخرة وسكرات الموت وظلمات القبر واهوال القيامة وقال القاشانى لان الاخلاص تمحيض الحقيقة الاحدية عن شائبة الكثرة.
تمت سورة الاخلاص يوم الاثنين الحادى عشر من جمادى الاولى من شهور سنة سبع عشرة ومائة وألف.