التفاسير

< >
عرض

قَالَ يٰبُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْداً إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ
٥
-يوسف

روح البيان في تفسير القرآن

{ قال } استئناف مبنى على سؤال من قال فماذا قال يعقوب بعد سماع هذه الرؤيا العجيبة فقال قال { يا بنى } تصغير ابن صغره للشفقة والمحبة وصغر السن فاذا كان ابن ثنتى عشرة سنة كما مر واصله يا بنيا الذى اصله يا بنى فابدلت ياء الاضافة الفا كما قيل فى يا غلامى يا غلاما بناء على ان الالف والفتحة اخف من الياء والكسرة.
قال فى الارشاد ولما عرف يعقوب من هذه الرؤيا ان يوسف يبلغه تعالى مبلغا جليلا من الحكمة ويصطفيه للنبوة وينعم عليه بشرف الدارين كما فعل بآبائه الكرام خاف عليه حسد الاخوة وبغيهم فقال صيانة لهم من ذلك ولهم معاناة المشاق ومقاساة الاحزان وان كان واثقا من الله تعالى بان سيتحقق ذلك لا محالة وطمعا فى حصوله بلا مشقة { لا تقصص } [مخوان وبيدا مكن] { رؤياك } كلا او بعضا { على اخوتك } وهم بنوا علاته العشرة كما هو المشهور اذ عدّ دنية من الرجال سهو فان الاصح انها بنت ليا كما سبق فقوله فى تفسير الارشاد المراد باخوته ههنا الذين يخشى غوائلهم ومكايدهم من بنى علاته الاحد عشر. واما بنيامين الذى هو شقيق يوسف وامهما راحيل فليس بداخل تحت هذا النهى لانه لا يتوهم مضرته لا يخشى معرته ولم يكن معهم معدودا فى الرؤيا اذ لم يكن معهم فى السجود ليوسف انتهى ليس بوجيه بل ليس بسديد اذ ليس في الاخوة من يسمى دنية كما فى حواشى سعد المفتى ولا يلزم من عدم كون بنيامين داخلا معهم فى الرؤيا ان لا يكون منهم باعتبار التغليب فهو حادى الاحد عشر { فيكيدوا } نصب باضمار ان اى يفعلوا { لك } اى لاجلك ولا لهلاكك { كيدا } خفيا عن فهمك لا تقدر على مدافعته وهذا اوفق بمقام التحذير وان كان يعقوب يعلم انهم ليسوا بقادرين على تحويل ما دلت الرؤيا على وقوعه والكيد الاحتيال للاغتيال او طلب ايصال الشر بالغير وهو غير عالم به { ان الشيطان للانسان عدو مبين } استئناف كأن يوسف قال كيف يصدر ذلك عن اخوتى الناشئين فى بيت النبوة فقيل ان الشيطان ظاهر العداوة للانسان او مظهرها قد بانت عداوته لك ولابناء جنسك اذ اخرج ابويكم آدم وحواء من الجنة ونزع عنهما لباس النور وحلف انه ليعملن فى نوع الانسان كل حيلة وليأتينهم من كل جهة وجانب فلا يزال مجتهدا فى اغواء اخوتك واضلالهم وحملهم على الاضر فبه علم انهم يعلمون تأويلها فقال ما قال
قال بعض العارفين برأ ابناءه من ذلك الكيد فالحقه بالشيطان لعلمه ان الافعال كلها من الله تعالى. ولما كان الشيطان مظهرا لاسم المضل اضاف الفعل السببى اليه وهذه الاضافة ايضا كيد ومكر فان الله تعالى هو الفاعل فى الحقيقة لا المظهر الشيطانى

حق فاعل وهرجه جز حق آلات بود تأثير زآلت از محالات بود